مَن يتباكى على التنمية؟!
مِن حق الشعب الكويتي أن يتساءل: هل المجلس فعلاً يعوق مشاريع التنمية ويشلّ الاقتصاد الوطني؟ فالتنمية كما تُعرّفها المعايير العالمية والنماذج الناجحة، هي برنامج متكامل قائم على خطط محددة الملامح واضحة الأهداف وفق جدول زمني يحدد بداياتها ونهاياتها، وتتمتع بمؤشرات للرصد والتقييم وتحليل النتائجفي إطار هجمة التضليل وغسيل الدماغ الشعبي، من أجل التسويق لمؤامرة الردّة على الديموقراطية وتشويه صورة المؤسسة التشريعية، بدأ المتضررون من تفعيل الدور الرقابي في مجلس الأمة، الترويج لبدعة تعطيل البرلمان للتشريعات، وشل سياسات التنمية، وعرقلة عجلة الاقتصاد في الدولة!
مرة أخري يمكن اتهام الحكومة، بمباركة هذه الأبواق الحاقدة على الديموقراطية، بسبب صمتها المريب إزاء هذا الإعلام المبرمج، لأن مثل هذه الافتراءات يشكل للحكومة مظلة حماية، ويستر إخفاقها وقصورها المتعمد في القيام بمسؤولياتها التنموية كما يملي عليها الدستور، فالواجب على الحكومة إما أن تؤكد، وإما أن تنفي مزاعم تعطيل مجلس الأمة لبرامجها التنموية وخططها الاستراتيجية، لتضع الشعب الكويتي أمام مسؤولياته كرقيب على أداء المجلس، ولكن العجب ينتفي إذا تتبعنا خيوط هذه المؤامرة الجديدة، إذ نجد أن مروجي هذا الاتهام الرخيص ومحركي خيوطه هم ممّن استمرؤوا التكسّب السريع وشفطوا الهبات والعطايا عبر سنوات طويلة من غياب أو تحجيم الأجهزة الرقابية في الدولة، خصوصا إبان تعطيل الحياة الدستورية على مدى أكثر من عقد من الزمن، أو عندما كانت تركيبة المجلس تسير حسب تعليماتهم ومصالحهم. ولكن الطفرة السياسية التي رجّحت كفة التركيز على الرقابة والمحاسبة بمجلس الأمة منذ حرب التحرير حتى الآن، نجحت في شلّ الحركة المنشارية «طالع ماكل نازل ماكل» لزمرة الفساد.وبالتأكيد فإن من حق الشعب الكويتي أن يتساءل؛ هل المجلس فعلاً يعوق مشاريع التنمية ويشل الاقتصاد الوطني؟ فالتنمية كما تُعرفها المعايير العالمية والنماذج الناجحة، هي برنامج متكامل قائم على خطط محددة الملامح واضحة الأهداف، وفق جدول زمني يحدد بداياتها ونهاياتها، وتتمتع بمؤشرات للرصد والتقييم وتحليل النتائج. ومن هذا المنطلق يجب مطالبة الحكومة أو المروّجين للتضليل الإعلامي بكشف البرامج التنموية والخطط والمشاريع التي تقدمت بها الحكومة إلى مجلس الأمة فتم تعطيلها، وتملك الحكومة منبر الصراحة والمكاشفة عبر آليات متعددة لتوضيح هذه الخطط للرأي العام، من خلال الخطاب الأميري والخطاب الختامي في نهاية كل دور انعقاد لمجلس الأمة، ولها أن تبيّن شكواها من خلال بيانات صادرة من مجلس الوزراء. وتملك كذلك جهازَي الإذاعة والتلفزيون بأكثر من عشر قنوات مرئية ومسموعة، كما أن لديها مؤسسات تعمل بعيداً عن نشاط المجلس، مثل المجلس الأعلى للتخطيط، والمجلس الأعلى للتنمية، بل إن الحكومة استفردت بجميع السلطات الدستورية إبان تعليق مواد الدستور وإلغاء مجلس الأمة، فأين كانت مثل هذه الخطط والمشاريع التنموية؟ !إن التباكي على التنمية والازدهار الاقتصادي من قبل أعداء الديموقراطية لا يتعدى اللطم على ضياع أراضي الدولة التي كانت توزّع عليهم بالمجان ليعيدوا بيعها بأسعار الذهب، وإخضاع المشاريع الكبرى التي كانت تدرّ عليهم الملايين للرقابة والمحاسبة والشفافية والمنافسة مع الآخرين، ووقف العوائد الضخمة التي كانت تصب في جيوبهم، من دون أن تنال منها الميزانية العامة للدولة فلساً أحمر، أو تعيش عليها أسرة كويتية يوظَّف مُعيلها في مشاريعهم الخاصة. فالتنمية في نظرهم إلغاء دور المجلس ولجنة المناقصات المركزية وديوان المحاسبة، وإلغاء قوانين أملاك الدولة المقبلة في الطريق! وإذا كانت هذه التنمية فلا أهلاً ولا مرحباً بها!! لقد فتح هؤلاء بغباء باب المحاسبة من جديد على الحكومة، وينبغي أن يكون ضمن الأولويات القصوى لمجلس الأمة إلزام الحكومة بتقديم برنامج تنموي متكامل وعصري يُخضعها للمساءلة والرقابة الدائمة.