حكومتنا والضفادع وهيبة النظام!

نشر في 13-04-2008
آخر تحديث 13-04-2008 | 00:00
 د. ساجد العبدلي

كيف يراد لنا أن نقتنع بمصداقية الإرادة الحكومية التي تقول إنها تسعى إلى فرض احترام القانون وهيبة النظام على الجميع، ونراها تصر على ألّا تنثني في موضوع الديوانيات المخالفة، وتندفع بأقصى طاقتها لقمع الانتخابات الفرعية، في حين أنها نفسها التي تأتي بقانون يتصادم بفجاجة مع الدستور؟! عن أي هيبة للنظام تتحدث الحكومة يا ترى؟!

قرأت مرّة للويس عطية الله، الكاتب الغامض الشهير، في أحد مقالاته اللاذعة بأن الضفدع إذا قطعنا أطرافه الأربعة فإنه لا يسمع! بالطبع كتبها لويس ساخراً، ولكن يبدو، والله أعلم، أن حكومتنا صارت اليوم تؤمن بنفس النظرية!

نحن، ككل أهل الكويت، مع هيبة النظام واستعادتها، فلا بقاء لبلدنا ولا استمرار له، ولنا بالطبع، إلا في ظل نظام مستقر له هيبته واحترامه، ونحن كذلك مع تطبيق القانون على الجميع، نكررها: على الجميع، لكننا قبل ذلك من أتباع الحكمة والمنطق والعقل، ونحتاج أن نقتنع فعلاً بأن تقطيع أطراف الضفادع سيؤدي إلى استعادة هيبة النظام!

يا سيداتي وسادتي، مخطئ من يظن أن القوانين تأتي بهدف قمع المخالفين وإنزال العقوبة بهم، لأن للقوانين مقاصد أسمى وأعظم من نصوصها المباشرة. هذه المقاصد تأتي من وحي الدستور الذي كفلت مواده الحريات على جميع مستوياتها، وجعلت استقرار الناس وتلبية متطلباتهم الغاية الأسمى والمقصد الأعظم للنظام، لذلك فحين يأتي القانون متعارضاً مع هذه الروح الدستورية، فلا يكون أمام الناس حينها إلا أن يجزموا بأنه ما جاء لصالحهم، إنما للعمل ضدهم!

قانون التجمعات الذي أطلقته الحكومة منذ أيام، هو مثال صارخ على هذا، فهذا القانون مخالف للدستور، وتم تخليقه في فترة غياب السلطة التشريعية بدعوى أنه من قوانين الضرورة، والكل يعرف أن مصيره إلى الإلغاء مع عودة البرلمان وعرضه عليه، لذلك كيف يراد لنا أن نقتنع بمصداقية الإرادة الحكومية التي تقول إنها تسعى إلى فرض احترام القانون وهيبة النظام على الجميع، ونراها تصر على ألّا تنثني في موضوع الديوانيات المخالفة، وتندفع بأقصى طاقتها لقمع الانتخابات الفرعية، في حين أنها نفسها التي تأتي بقانون يتصادم بفجاجة مع الدستور؟! عن أي هيبة للنظام تتحدث الحكومة يا ترى؟!

كيف يراد لهيبة النظام أن تستقر في أذهان الناس والحكومة تضرب مع سبق الإصرار والترصد بمواد الدستور عرض الحائط بقوانين ستؤدي لا محالة إلى تأزيم وربما تدمير العلاقة ما بين النظام والشعب؟ فمن الذي يدمر هيبة النظام؟ الحكومة أم الناس؟!

كيف يغيب عن أذهانهم أن هيبة النظام لا يمكن أن تتحصل عبر خلق هذا الجو الاستقطابي الشرس في المجتمع، وحشر فئاته في الزوايا الأربع وتضييق أنفاسهم وتقطيع أطرافهم؟! في الأمس أوصلوا التوتر إلى مداه مع الشيعة على خلفية التأبين، واليوم يؤججونه مع أبناء القبائل على خلفية موضوع الفرعيات، بل يشعلونه مع جميع الكتل السياسية عبر إصدار قانون التجمعات غير الدستوري، وغداً لا ندري إلى أين سيدفعون بالأمور، وكأن هناك من يريد إشعال النيران في كل الجسور التي تربط النظام بمختلف فئات الشعب، سُنّة وشيعة وقبائل وحضراً!

نعم لتطبيق القوانين، ولكن غاية كل قانون وفلسفته ومدار حكمته ليس إنزال العقوبة وسحق المخالفين، إنما الإصلاح والتهذيب وإعادة الناس إلى الجادة ضمانا لاستقرار المجتمع وهدوئه، وما يحصل اليوم بعيد كل البعد عن هذه الفلسفة وخال تماما من الحكمة ولن يؤدي إلا إلى المزيد من الأزمات، وإلى المزيد من ترنح هيبة النظام.

أرجوكم أطفئوا النيران بالعقل والحكمة، لأنه إن احترقت الجسور فلا سبيل بعدها للعودة، ولن يكون أمامنا إلا مواجهة مستقبل مجهول!

back to top