تجنيد الأطفال لإلغاء منع الاختلاط!

نشر في 10-02-2008
آخر تحديث 10-02-2008 | 00:00
 سعد العجمي

إن التحرك من أجل دعم قضيه ما، إن لم يكن مدروساً ومنظماً يضر بالقضية ويزيد عدد الرافضين لها بدلاً من المؤيدين، بل يحرج القطاعات الشعبية والقوى السياسية المعنية بالقضية أساساً، وهو ما حققته مظاهرة الخميس الماضي «المشؤومة»، خصوصاً مع مشهد أولئك الأطفال الذين أقحموا في عمل سياسي هو من صميم واختصاص القوى الشبابية.

قبل أيام عرضت بعض المحطات الفضائية صوراً لأطفال عراقيين جندهم تنظيم «القاعدة» في العراق، وهم يقومون بتدريبات ميدانية على القتل والسلب. الشريط المسّرب أحدث ردود أفعال واسعة، لكنه، حسب المحللين في تلك الفضائيات، أثبت إفلاس «القاعدة» وانحسار دورها في العراق إثر النجاحات الأمنية للدولة من جهة، ورفض العراقيين أنفسهم لذلك التنظيم، من جهة أخرى، الذي خسر ما تبقى له من بعض المتعاطفين بعد ظهور أولئك الأطفال وهم يُستغلون بصورة بشعة.

ما دفعني إلى كتابة هذه المقدمة هو مشهد مشابه حدث عندنا يوم الخميس الماضي، رغم اختلاف الزمان والمكان والأسباب، على اعتبار أن المظاهرة التي نظمتها بعض الناشطات الكويتيات لتأييد قانون إلغاء منع الاختلاط ، حملت وجه شبه رئيسياً مع « شريط القاعدة»، وهو استخدام الأطفال، لكنه استخدام سلمي في الحاله الكويتية التي يظهر فيها أطفال يرفعون لافتات لا أعتقد أنهم يدركون معنى ما كُتب فيها، عكس ما يحدث في العراق فهناك يرفع الأطفال السلاح.

الصور التي نشرتها الصحف للمظاهرة كانت مخجلة جداً، ومسيئة لمؤسسات المجتمع المدني والحركة النسائية، بل أضرت بالقانون المقدم، لا من حيث أعداد المشاركات في التظاهره اللاتي لم يتجاوز عددهن طابوراً أمام مخبز إيراني، ولا من حيث الشعارات المرفوعة التي صورت القضية وكأنها حرب شعواء مع التيار الديني، وهو الأمر الذي نفاه مقدمو القانون أنفسهم على اعتبار أنه ليس موجها ضد الإسلاميين أو المحافظين بل نتاج قناعه كفلها الدستور لهم.

إن التحرك لمصلحة دعم قضيه ما، إن لم يكن مدروساً ومنظماً يضر بالقضية ويزيد عدد الرافضين لها بدلاً من المؤيدين، بل يحرج القطاعات الشعبية والقوى السياسية المعنية بالقضية أساساً، وهو ما حققته مظاهرة الخميس الماضي «المشؤومة»، خصوصاً مع مشهد أولئك الأطفال الذين أقحموا في عمل سياسي هو من صميم واختصاص القوى الشبابية التي قلبت الموازين في معركة الدوائر وحركة «نبيها خمس».

على الناشطات- أقولها بتحفظ- اللائي شاركن في ذلك التجمهر إدراك أن فلاشات الكاميرات وميكرفونات الفضائيات لا تحسم قضية، وأن الظهور بمناسبة ومن دون مناسبة، وفي كل قضية، هو نوع من العبث، يضر بقضية لستن المعنيات الوحيدات فيها، فهي قضية تيار بأكمله له قواعده وأساليبه في إدارة لعبته السياسية، فاتركنَ مَن يستطيع أن يؤثر، وأن يقنع، وأن يحشد، ليتولى الأمر.

على كل لست معنياً بموضوع الاختلاط من عدمه، فانا لست منتمياً إلى التيار المدني بمفهومه الليبرالي، ولا للتيار الديني، لكن الحفاظ على الدستور وحماية المال العام خط أحمر بالنسبة لي، وبالتالي فإن ما عدا هاتين القضيتين يقبل الاختلاف والتباين والحكم النهائي فيه لنواب الأمه وليس لأطفالها وناشطاتها.

* * *

اليوم سيتم التحقيق مع الزميل محمد الجاسم .. اليوم اختبار حقيقي لحرية الكلمه والتعبير في دولة الدستور والمؤسسات .. وبالرغم من كل ما أثير حول هذا الموضوع في المنتديات خلال اليومين الماضيين، فإنني متفائل بأن لغة العقل ستسود، لأننا قد نختلف في أشياء كثيرة، إلا في حب الكويت والحرص على سمعتها وما تتمتع به من حريات صحفية كانت ولا زالت وستظل مصدر فخر للحاكم قبل المحكوم.

back to top