البعثيون الجدد والمقاومة 2/2

نشر في 31-07-2007
آخر تحديث 31-07-2007 | 00:00
من المتعارف عليه أن المقاومة – أي مقاومة – مهما كانت غارقة في السرية، سيأتي وقت تضطر معه إلى إظهار بعض ملامحها الشخصية للإعلان عن مبادئها، وعن أهدافها وأسباب حملها السلاح.
 علـي بلوط سعى المقال في شطره الأول إلى إلقاء ضوء خافت على تنظيم المقاومة العراقية وطبيعة دوره وشخوصه وتشكله وخططه في الفترات المقبلة، للافصاح عن نفسه في غضون الأشهر القليلة المقبلة، ويقال إن الرئيس العراقي السابق صدام حسين تولى بنفسه وضع الخطوط العريضة لتنظيم المقاومة العراقية، وأشرف شخصياً على اختيار قادتها، مستبعداً قياديي الصف الأول والثاني من «حزب البعث»، مستثنياً نائبه عزت الدوري وقلة من الضباط العاملين في الفرق الخاصة وجهاز المخابرات، مركزاً اهتمامه واختياره على كوادر حزبية من الفئة الثالثة والرابعة وما دون ذلك، عسكريين ومدنيين «شرط أن تتراوح أعمارهم بين الـ 24 سنة إلى 34 سنة»، باعتبار أن قياديي الحزب من الفئة الاولى والثانية، معرضون للاعتقال او للاستمالة من قبل الأميركيين، بالإضافة إلى ترهلهم وكبر سنهم.

من المتعارف عليه أن المقاومة – أي مقاومة – مهما كانت غارقة في السرية، سيأتي وقت تضطر معه إلى إظهار بعض ملامحها الشخصية للإعلان عن مبادئها، وعن أهدافها وأسباب حملها السلاح. في هذا المجال، فإن المقاومة تهيئ نفسها لمثل هذا الإعلان في فترة زمنية أقصاها نهاية السنة الحالية. فقد تمّ تأليف لجنة مختصة، بدأت تمارس عملها منذ فترة قصيرة بصورة شبه علنية، بانتظار أن تكتمل حلقة الاتصالات والتفاهمات مع بقية العناصر الوطنية المقاومة، تمهيداً لإعلان «الميثاق المقاوم» الذي يضم هذه الفئات جميعها.

ما جرى الاتفاق عليه حتى الآن هو المبادئ العامة مثل «مواصلة القتال إلى حين خروج آخر جندي أجنبي، أميركي وغيره، من أرض العراق». ومثل تمسك العراق بهويته العربية، واستعادة مركزه الطليعي في «العائلة العربية الكبيرة الممتدة من المحيط إلى الخليج»، ولعلّ هذا التعبير الأخير هو الشعار الأوحد الذي قد يستخدم في «الميثاق المقاوم»، وهو من شعارات حزب البعث. وكان هناك رأي باستبعاده لإعطاء الانطباع بتعددية المقاومة. لكن الحزبيين أصروا على استخدامه لأن تعبير من «المحيط إلى الخليج»، هو تعبير لا يقتصر استخدامه على «حزب البعث» وحده من دون بقية الأحزاب التي تؤمن وتنادي بالوحدة العربية.

وهناك موضوع بالغ الأهمية جرى تداوله على مدى سنة كاملة من الحوار بين «البعث» وبين الحركات الوطنية التي حملت السلاح «يتعلق بالأخطاء التي ارتكبت على مدى 35 سنة من انفراد «البعث» في حكم العراق، ومن يتحمل مسؤولية هذه الاخطاء؟ المثير أن «البعثيين الجدد» الذين يتولون شؤون الحزب حالياً، ناقشوا هذا الموضوع، بعد الاحتلال. ظهر رأي يقول إن الاعتراف بالأخطاء المرتكبة وتحديد المسؤولين عنها تعيد للحزب مصداقيته الجماهيرية «ويجب أن نقوم بهذا العمل بأسرع وقت ممكن»، واعتمد أصحاب هذا الرأي على تجربة «ستالين وخروتشوف» في حقبة الستينيات من القرن الماضي. فبعد موت ستالين واستلام خروتشوف قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي، قام هذا الأخير بانتقاد المرحلة الستالينية بصورة حادة، مما أعاد للحزب الشيوعي السوفييتي مصداقيته الجماهيرية. و«لماذا لا نستفيد من هذه التجربة الناجحة؟» ... لكن الرأي الآخر الذي اعتمد في النهاية هو أن التجربة الحزبية في العراق تختلف كثيراً عن زميلتها السابقة السوفييتية. فالعراق اليوم محتلّ، والحزب خارج السلطة، وأعضاؤه مطاردون، وأن إعلان الأخطاء قبل استكمال البنية المتينة من شأنه أن يخلق معارك جانبية داخل التنظيمات الحزبية.

في النهاية اتفق الرأي على ضرورة القيام بالنقد الذاتي الموضوعي، وتسجيل الأخطاء المرتكبة وذكر المسؤولين عنها، وإعلان ذلك في بيان عام للحزبيين، مع تأجيل الإقدام على هذه الخطوة إلى حين نضوج المعطيات المؤدية إلى نجاح المقاومة»، وبالتحديد إلى ما بعد إعلان «الميثاق المقاوم» الذي سيضم الحزب وبقية العناصر الوطنية.

نقل عن أحد الحزبيين الذين شاركوا في هذه الحوارات قوله: «ما قيل داخل الغرف المغلقة جاء بمنزلة محاكمة صريحة للأخطاء التي ارتكبها صدام خلال فترة حكمه الطويلة، وإصراره على تفرده بالسلطة، وأن الحكم قد صدر بحقه مع تأجيل إعلانه.

 

كاتب لبناني

back to top