الموجع أن كثيرا منا يعتقد أن الحب إحدى علامات المراهقة، لذا هو مقبول خلال سنوات معينة من عمر الإنسان، ويجب عليه أن يشفى من الحب عند تجاوزه هذه السنوات!!
خلال هذه السنوات (سنوات المراهقة)، قد يلومك البعض على بعض شطحاتك العاطفية وسلوكياتك الناتجة إثر الحب، لكنه في قرارة نفسه يلتمس لك العذر، لأنك مازلت في عمر المراهقة، وربما أن كثيرا من التصرفات التي يلومك عليها شخص عاقل، كان قد اقترفها عندما كان في مثل سنك، لذا يسهل على هذا الآخر أن يلتمس لك العذر في اقترافها، طالما أنك لم تتجاوز سنوات المراهقة!قد يحاول البعض الآخر أن يبدو أكثر تفهماً لمشاعرك، فيقول لك: نعم من حقك أن تحب وأن تعيش حالة الحب، بغض النظر عن العمر، لكن يجب أن تكون أكثر نضجاً «وتعقلاً» عند التعبير عن هذا الحب عندما تتجاوز سنوات المراهقة، وهذا المنطق ذكي في محاولة امتصاص ردة فعلك عن طريق الإيحاء لك أنه ليس ضد الشعور نفسه، لكنه ضد طريقتك في التعبير عنه!البعض الآخر يكون أكثر خطراً وتدميراً لك، عندما يلعب على مسألة الضمير لديك (كأن الضمير يسير في الاتجاه المعاكس لخطوات الحب)، فيسألك باندهاش مفتعل، وبراءة ثعلبية: ...ولكن كيف تدع الحب يقف عائقا أمام مسؤولياتك والتزاماتك الحياتية الأخرى؟!! التزاماتك تجاه الآخرين، وواجباتك المناطة بك؟! كيف استطعت أن تجاري قلبك المحب، غاضّاً الطرف عن تلك الطفيليات العالقة بجسدك، وتقتات من دم مشاعرك لتعيش؟! كيف راعيت حياتك مضحياً بحياة أولئك الذين قد لا يكترثون كثيرا لسعادتك، وما يهمهم فقط سعادتهم هم، وراحة بالهم هم، فهم على يقين أن استغلالهم لمشاعرك سيتأثر سلبا عندما تحب، حبك يهدد مصالحهم، يقلص حصة ميراثهم من عواطفك، كيف استطاع قلبك الرقيق أن يقسو على هؤلاء؟!هؤلاء هم الذين يحولون دونك ودون سعادتك، التي من المفروض أن تنعكس إيجاباً عليهم لو كانوا يفقهون!هؤلاء هم الذين سخّروا حياتهم لمحاربة الحب، وأفنوا أعمارهم في نزع أطناب خيمة المشاعر من بين الحنايا، هؤلاء هم الذين يقتل ظلام قلوبهم أي قلب يشع كبرق، تعذبهم غيرتهم، ويمزع أحشاءهم الحسد، عند رؤية ورقة وردية معطرة بكلمات الغزل، أو زجاجة عطر تبادلها عاشقان، أو خصلة شعر ملفوفة بعناية في حضن منديل موشّى بقبلة شفايف!يحاربون الحب مرة باسم العيب، ومرة باسم العقل، وأخرى باسم العمر الذي لا يسمح بمثل هذه الترّهات!هؤلاء ضد قلبك فلا تستمع لهم، واستمع لقلبك واتبع نداءه الساحر، لا تصغ ِلصوت رياحهم التي تكشّر بوجه الورود، وتحاول تمزيق الثياب الخضراء عن جسد الأشجار، لا تخيفك النيران المنبثقة من أنوفهم، وكلماتهم المعبأة بالمحروقات.الحب ليس للمراهقين فقط، إنما لكل سنوات العمر، الحب ليس نزوة عابرة نمر بها عابرين، إنما هو هدية الله لنا، التي يجب الحفاظ عليها مدى الحياة.الحب ليس ذنبا نرتكبه نتيجة جهلنا وقلة خبرتنا الحياتية، إنما عقيدة نعتنقها، ونزداد إيمانا بها كلّما «عقلنا» وكبرنا مع السنين.
توابل - الرواق
ليس للمراهقين فقط!
14-03-2008