لا يلام مجلس الأمة عندما رفض استمرار دفاع إدارة الفتوى والتشريع عن القضايا الخاصة به أو بتمثيله أمام المحكمة الدستورية، فمحامي الحكومة أصبح يجاري الحكومة في كل أخطائها حتى لو كانت تلك الأخطاء تمثل خرقا واضحا لنصوص الدستور، وحسب المعلومات المتوافرة بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بإلغاء فضيحة قانون التجمعات السابق عام 2006 طلب مجلس الوزراء من إدارة الفتوى والتشريع تقديم نصوص بديلة تتناسب مع ما انتهى إليه الحكم الدستوري، لكن المصيبة تكمن في أن قراءة إدارة الفتوى والتشريع للحكم الدستوري قراءة نحو هدر المزيد من الحريات التي أقرها الدستور، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل إدارة الفتوى والتشريع مقتنعة بأن ما وضعته من نصوص في قانون التجمعات الجديد الصادر بمرسوم ضرورة يتلاءم مع ما انتهى إليه الحكم الدستوري، أم ان الفتوى طلب منها وضع نصوص كالسابق ولكن بطريقة المحامين بلف «النصوص»!

Ad

لا يمكننا إعفاء إدارة الفتوى والتشريع من المسؤولية تجاه النصوص التي انتهى إليها مرسوم التجمعات الأخير، والذي يجعل الأصل في ممارسة الحرية المنع واستثناء الإباحة، وامتدت هذه الجريمة إلى الدواوين والمساجد وربما في دور النشر التي نمارس حرية الكتابة فيها، وأصبح قانون التجمعات الجديد أحد أفرع قانون امن الدولة الداخلي، وأصبحت حرية الاجتماع مكبلة ولا قيمة لها، ويتعين الترحم عليها.

إن التلاعب في نصوص القانون للتهرب من مسؤولية المحكمة الدستورية تؤكد أن الحكومة مصرة على انتهاك الدستور، وعدم مراعاة الحريات العامة، فمثلما تشددوا بالامس على حرية الصحافة بولادته مشوها إلينا متضمنا العديد من القيود، سارعوا إلى تقييد حرية الاجتماع العام والمواكب والمظاهرات، ولا نعلم ماذا يخبئون لنا بالغد، واتمنى ألا يفكرون في الدستور.

في الختام أود التذكير بأن المحكمة الدستورية لم تتردد مرة أخرى في القضاء بعدم دستورية قانون التجمعات مرة أخرى، وقبل عرضه مرة أخرى أتمنى من أعضاء المجلس المقبل أن يسقطوا مرسوم التجمعات، وتعمل السلطتان التشريعية والتنفيذية على وضع تشريع جديد يلبي طموح الشعب، كما سمتها المحكمة الدستورية في حكمها الإرادة الشعبية، بدلا من الانفراد بنصوص قبل أن يخالف حكم المحكمة الدستورية الدستور.