قبل فوات الأوان!!

نشر في 24-04-2008
آخر تحديث 24-04-2008 | 00:00
 صالح القلاب

الآن هناك صحوة شيعية عروبية في العراق والدليل هو ما قامت به الحكومة العراقية في الفترة الأخيـرة، وأيضاً اتهام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لإيران اتهاماً مباشراً وواضحاً، بأنها تتدخل في شؤون العراق بصورة فجَّة وسافرة. لذلك عندما يصرخ موفق الربيعي بأعلى صوته ويقول: «إن الموت يأتينا مـن سورية وإيران»، فإن صرخته يجب أن تلامس أسماع العرب كلهم.

عندما كان يقال هذا الكلام الخطير جداً الذي قاله مستشار الأمــن القومي العراقي موفق الربيعي: «الموت يأتينا من إيران وسورية»، كانت الأبواق الطائفية والمذهبية تعلن حالة الاستنفار وتكيل إلى قائليه ما في قواميس الاتهام كلها من مفردات قاسية وبذيئة، لتقول فيهم أكثر مما قاله مالك في الخمر، وأثناء كل ذلك بقي التدخل الإيراني والسوري أيضاً في شؤون العراق يتواصل إلى أن باتت الأمور لا تُحتمل ولا تطاق.

لا بأس... فأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً. والمهم هو أن العراقيين، وخصوصاً القيادات الفاعلة في الطائفة الشيعية الكريمة، أدركوا أن الحرص على العراق هو الذي جعل بعض العرب يحذر مبكراً من أن إيران تلعب لعبة خطيرة وأنها تستغل ظروف هذا البلد بعد الاحتلال لتحقيق تطلعاتها التوسعية القديمة والجديدة، نفوذاً وجغرافياً، ليس في اتجاه هذه الدولة العربية فقط، بل في اتجاه الإقليم كله.

الكل يذكر أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني كان حذّر مبكراً من أن إيران ماضية في إنشاء هلال لنفوذها وتطلعاتها القومية الفارسية في المنطقة العربية يبدأ طرفه الأول بلبنان وينتهي طرفه الآخر في «صعدة» في اليمن. ويومها قاد أحمد الجلبي، المطلوب للسلطات الأردنية بتهمة الاختلاس والفساد، «جوقة» طائفية وسياسية استخدمت كل وسائل الإعلام التي لها امتدادات فيها للهجوم على الأردن وإلصاق أبشع التهم به حتى بما في ذلك تهمة مساندة الإرهاب، مع أن الأردن كان ولايزال يشكل جبهة متقدمة ضد القوى والتنظيمات الإرهابية التي تضرب في العراق وفي غيره.

لم يتحدث الملك عبدالله الثاني عن «هلال شيعي» على الإطلاق، وهو لا يمكن بسبب نسبه ومكانته ومكانة عائلته (آل البيت) أن يتخذ موقفاً ضد الطائفة الشيعية الكريمة وضد أي من الفرق والمذاهب الإسلامية التي يعترف بها المسلمون وأئمتهم... لقد تحدث العاهل الأردني عن نفوذ إيراني يتخذ من التشيع ومن المذهب الجعفري الاثني عشري الشريف غطاءً للتطلعات القومية الفارسية القديمة.

عندما بادر الملك عبدالله الثاني بن الحسين إلى قرع ناقوس الخطر مبكراً و«فَاعَتْ» عليه ثعابين المذهبية حسب مواصفات «اطلاعات» الإيرانية كان نفوذ طهران، تحت غطاء المذهب الجعفري الاثني عشري، الذي هو بريء مـن هذا التشويه كله وتلك الدعوات جميعها التي تنطلق باسمه، قد حقق رؤوس جسور له في اليمن من خلال التمرد الحوثي، وفي لبنان من خلال «حزب الله» وفي فلسطين من خلال «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وكان هذا النفوذ قد أقام قواعد راسخة له في العراق وفي سورية للأسف وأيضاً في دولٍ عربية أخرى.

الآن هناك صحوة شيعية عروبية في العراق والدليل هو ما قامت به الحكومة العراقية في الفترة الأخيـرة، وأيضاً اتهام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لإيران اتهاماً مباشراً وواضحاً، بأنها تتدخل في شؤون العراق بصورة فجَّة وسافرة. لذلك عندما يصرخ موفق الربيعي بأعلى صوته ويقول: «إن الموت يأتينا مـن سورية وإيران»، فإن صرخته يجب أن تلامس أسماع العرب كلهم فالسكاكين وصلت إلى الذقون والصمت بات لا يخدم إلا المؤامرة على العراق والمنطقة العربية كلها.

لابد أن يتحرك العرب قبل فوات الأوان، ولابد من إدراك أن إيران سترد على مؤتمر المنامة الأخير، واجتماعات الكويت التي تمت قبل يومين، وإجراءات الحكومة العراقية وتصريحات المالكي والربيعي الآنفة الذكر، بتحريك شبكات استخباراتها كلها في العراق لإخراس الأصوات العروبية الشيعية التي ارتفعت ضدها في الفترة الأخيرة. فالوضع في غاية الخطورة، ويجب عدم ترك رئيس الوزراء العراقي وزملائه يواجهون هذه التحديات وحدهم، ويجب أيضاً ألاَّ يُسمح للإيرانيين بإعادة الشيعة إلى بيت طاعتهم مرة أخرى!!

*كاتب وسياسي أردني

back to top