Ad

أبسط الطرق وأكثرها فعالية ومصداقية للترويج لفكرة حل مجلس الأمة هو تحميل كتلة العمل الشعبي مسؤولية ذلك، لأن وقعها السياسي سيكون أكثر قبولاً، كما يرجى من تعليق شماعة الحل على أعضاء الشعبي أن تكون بمنزلة سلاح سلبي يستخدم ضد مرشحي هذه الكتلة في الانتخابات القادمة، فتكون بذلك الفرصة مواتية لضرب عصفورين بحجر واحد!!

إذا لم يكن التكتل الشعبي يريد حل مجلس الأمة، كما بينّا في المقال السابق لجملة من الاعتبارات السياسية والموضوعية، فمن يريد حل المجلس؟ ولماذا؟ وما السر في إقحام التكتل الشعبي في هذا الأمر؟

لا شك أن التركيبة البرلمانية على صعيد الكتل والتيارات السياسية متفاوتة في حجمها وأدائها ومؤشرات قبولها الميداني، وعلى عكس التكتل الشعبي أصبحت بعض الكتل البرلمانية في حالة من الانحسار والتهميش، خصوصاً تلك التي اعتادت على الارتباط بالحكومة وكانت توفر لها خط الدفاع السياسي وتمرير الأولويات الحكومية وقوانينها مقابل السيطرة على لجان المجلس والتمكين من تمرير المعاملات والخدمات الشخصية لناخبيهم، إضافة إلى مزايا «خاصة جداً» انفردوا بها من دون سواهم من بقية النواب.

إلا أن هذا الارتباط التاريخي تعرض لنكسة واضحة في ظل التركيبة الحكومية الجديدة برئاسة سمو رئيس الوزراء الحالي، ويرجع السبب في ذلك إما للنهج الحكومي الجديد في التعاطي مع مجلس الأمة رغم ضعف هذا المنهج وعدم تبلوره بشكل واضح وصريح حتى الآن، وإما بسبب الولاءات السياسية السابقة التي انقطعت خيوطها بين الحكومة وهذه الكتل البرلمانية، وفي كلتا الحالتين، فإن استمرار شخص رئيس الوزراء في قيادة الحكومة يعد أمراً غير مقبول ولا يمكن حتى تحمله من قبل أطراف داخل الأسرة وامتدادهم البرلماني داخل مجلس الأمة.

وعلى الرغم من المطبات السياسية العنيفة التي عصفت بحكومة الشيخ ناصر المحمد خلال السنتين الماضيتين، فإن الرجل استطاع أن يمتص الكثير منها من خلال التعديلات الوزارية القسرية وخلال فواصل زمنية متقاربة. وحتى إذا كانت مثل هذه التعديلات وإجراءات التدوير الوزاري التي شابها الكثير من الشبهات السياسية وولدت انطباعاً عن الضعف والتردد في القرار، إلا أنها كانت كفيلة باحتفاظ رئيس الوزراء بمنصبه، خصوصاً في ظل عدم توافر البديل الأوفر خطاً والأبرز سياسياً والمقبول شعبياً.

ولهذا، فإن إزاحة شخص رئيس الوزراء لا يمكن الترويج له سياسياً وعند القيادة العليا، إلا من خلال بوابة حل المجلس وللمرة الثانية على التوالي في عهده وتعليق مبرر ذلك على شماعة استنفاد سمو الرئيس جميع أوراقه، وعدم النجاح في خلق جو من التعايش السياسي مع البرلمان، على أمل أن يكون المخاض السياسي الجديد ونتائج الانتخابات المبكرة كفيلة بالتسويق لمرشحين آخرين لرئاسة الوزارة وتطعيمها ببعض الحرس القديم.

وإذا كانت مبررات الحل أو الاستعجال به قد لا تتوافر أرضيتها المناسبة إلا من خلال المواجهة المباشرة مع رئيس الوزراء أو التهديد باستجوابه، فإن تاريخ وتوجهات النواب «الحكوميين» سابقاً لا تشفع لهم بقيادة مثل هذه المواجهة، بل ان اقتحامهم هذا المعترك يُعد تواطؤاً مكشوفاً في الأوساط الشعبية، فحل مجالس الأمة تاريخياً كان بسبب التصدي لمبادئ مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالثوابت الدستورية وقضايا متعلقة بالأموال العامة أو الإصلاح السياسي، ومثل هذا الرصيد لا تمتلكه إلا الكتل السياسية ذات التاريخ المعارض، التي تضمن عودتها إلى الكراسي النيابية بعد الحل والانتخابات الجديدة.

ولهذا، فإن أبسط الطرق وأكثرها فعالية ومصداقية للترويج لفكرة الحل هو تحميل كتلة العمل الشعبي مسؤولية ذلك، لأن وقعها السياسي سيكون أكثر قبولاً، كما يرجى من تعليق شماعة الحل على أعضاء الشعبي أن تكون بمنزلة سلاح سلبي يستخدم ضد مرشحي هذه الكتلة في الانتخابات القادمة، فتكون بذلك الفرصة مواتية لضرب عصفورين بحجر واحد!!