أعلن بير ستيرنز «Bear Stearns» أحد كبار مصارف الاستثمار الأميركية الذي تكبد خسائر طائلة من أزمة الرهن العقاري، أنه يعاني نقصا في السيولة يوم الجمعة الماضي، وفور إعلانه الخبر انخفض سعره %50 في يوم واحد، وأغلق سهمه على 30 دولارا، بعدما كان سعره في بداية العام الحالي77 دولارا، وكان قد وصل سعره في العام الماضي إلى 171 دولارا، وبذلك يكون سعر السهم انخفض %83 خلال عام واحد.

Ad

وبالرغم من هذا الانخفاض الهائل في سعر سهم «بير ستيرنز»  فأن أحدا لم يقدم على شرائه، بل ان بنك «جي بي مورغن» (J. P. Morgan) أعلن صباح الاثنين الفائت أنه سيشتري «بير ستيرنز» بسعر دولارين فقط للسهم الواحد! أي بانخفاض يعادل %93 من سعر إغلاق السهم في يوم الجمعة الماضي.

وهنا نود أن نعود إلى استثمار الصناديق السيادية لدول مثل سنغافورة وأبوظبي والكويت في مؤسسات مالية أميركية مثل «سيتي غروب» و«ميريل لينش»، والذى قامت به الصناديق متسرعة في بداية العام الحالي، ظنا منها أن الانخفاض في سعر هذه المصارف قد وصل أقصاه، مع أن المعلومات المتوافرة عن هذه المصارف كانت خلاف ذلك، كما ذكرناها في مقالين سابقين (1).

ويبين الجدول الآتي الانخفاض في سعر كل من «سيتي غروب» و«ميريل لينش» في الشهرين الماضيين منذ أن استثمرت بهما الهيئه العامة للاستثمار الكويتية في منتصف يناير، وحتى يوم الاثنين الفائت حين انخفضت جميع الأسواق العالمية بعد خبر شراء بنك «جي بي مورغان» لبنك «بير ستيرنز» بسعر دولارين للسهم الواحد.

ويضاف إلى انخفاض قيمة الاستثمار، الانخفاض في سعر الدولار الأميركي والذي يزيد من خسارة الاستثمار الكلية، ومن المتوقع أن يستمر الانخفاض في كل من أسعار المصارف الأميركية، وكذلك الدولار الأميركي لفترة طويلة.

وهنا نود أن نسأل مرة أخرى ما سألناها في المقالين السابقين: لماذا تمت دعوة الصناديق السيادية من دول الخليج وشرق أسيا -من دون سواها من دول العالم- للاستثمار في البنوك الأميركية؟ ولماذا استعجلت هذه الصناديق في الاستثمار ولم تنتظر حتى تنتهي أزمة الرهن العقاري وتعرف البنوك الأميركية حجم خسائرها، ومن ثم تتخذ قرار الاستثمار في هذه البنوك، كما فعل المستثمرون الأميركيون أنفسهم؟ ولاسيما أن أهـل «أميركا» أدرى بشعابها!

وصف أحد خبراء الاستثمار الأميركيين استثمار الصناديق السيادية لدول الخليج ودول شرق آسيا في البنوك الأميركية بأنه استثمار المال الغبي (2)، وعند مقارنة استثمار الصناديق السيادية في البنوك الأميركية بعرض بنك «جي بي مورغان» لشراء بنك «بير ستيرنز» بدولارين اي %7 فقط من قيمته السوقية، يتأكد لنا أن هناك مـالا ذكـيا وآخـر غـبيا، وأن في التـأني السلامة وفي العجلة الندامة.

(1) نشر المقال الأول في 9 يناير والثاني في 30 يناير 2008 في جريدة الجريدة.

(2) انظر المقال الثاني المنشور في 30 يناير 2008 في جريدة الجريدة.