لم اكن أود التحدث عن علاقة القضاة بالمحامين، وطريقة تعامل المحامين مع الهيئات القضائية، إلا بعد الانتهاء من قضية المحامي فيصل المطر، التي صدر فيها حكم قضائي نهائي قبل نحو أسبوعين بالسجن لمدة شهرين مع وقف النفاذ لمدة 3 سنوات، بسبب سوء التعامل مع الهيئة القضائية.

Ad

والسبب في تناولي هذه القضية هي الحال التي وصلت إليها طريقة التعامل بين طرفي العلاقة، سواء من بعض الهيئات القضائية أو من بعض المحامين، الذين لا يجيدون الحديث مع الهيئات القضائية، وللأسف يتعاملون مع القاضي أو المستشار كما يُعامل موظف في أرشيف بلدية الكويت، وهو تعامل لا أقبل شخصيا بأن يتم مع السادة القضاة والمستشارين، وإذا ما كان للمحامي خلاف مع «سين» من القضاة، فيتعين احترام الهيئة القضائية المنعقدة، ولمن يتولى إدارتها، لأن من يتولى الأحكام هنا يتولاها نيابة عن حضرة صاحب السمو امير البلاد، حفظه الله ورعاه، وبالتالي فإن الخلاف مع أي قاض ٍأو مستشار يكون حله باللجوء إلى رؤساء المحاكم، سواء المحكمة الكلية التي يتولى رئاستها المستشار خالد سالم، أو «الاستئناف» التي يتولى رئاستها المستشار فيصل المرشد، وهما أقدر على احتواء الأمر بين الطرفين والخروج بالصورة المرضية لما يجب أن يكون عليه الحل.

لقد شهدت المحاكم خلال السنتين الماضيتين وقوع خلافات في وجهات النظر بين محامين وقضاة على المنصة، وبسبب عدم احتواء تلك الخلافات لجأ أطرافها إلى القضاء وصدرت أحكام ضد المحامين بالإدانة، وهناك من القضاة من يطالب بالتعويض، وقد يكون ذلك حقه لما لحقه من ضرر، او كما يعتقد أنه تضرر، ولكن من أوصل طرفي العلاقة إلى هذه المرحلة؟

برأيي أن الحوار مفقود بين الأخوة في جمعية المحامين والسلطة القضائية، فالخلافات وارد وقوعها، لكنها كانت تحل في السابق وبسرعة، بسبب قوة العلاقة التي كانت تربط جمعية المحامين بالجهاز القضائي، ورغبة وعزم تلك الجمعيات على حل الأمر بين الطرفين، فضلا عن ضغط الجمعية على عضوها إذا ما وقع الخطأ منه لتقديم الاعتذار حتى يمكن للطرفين طي صفحة الخلاف، ولكن الذي حدث خلال السنتين الماضيتين أن الجمعية وقفت موقف المتفرج، وأحيانا تصعّد من دون معنى بدلا من أن تحمي العلاقة التي تربط الجهازين، والتي هي أكبر بالتأكيد من خلاف بين قاض ومحام.

في الختام، أشد على أيدي زملائي المحامين بضرورة التعاون واحترام الهيئات القضائية، فمن يتولى رئاستها هم إخوان لنا بشر يصيبون ويخطئون، تجدهم يوما يحضرون والابتسامة تملأ أعينهم، ويوما آخر تجدهم متحفظين بالحديث، وهذا طبيعي، فنحن يوما نكون مبتسمين وفي يوم آخر محبطين، لذلك لنتعاون مع إخواننا في القضاء والنيابة لأننا نشكل العداله معا، وأدعو الجمعية إلى سرعة التدخل في الخلافات الحالية بدلا من أن تتفاقم ولا تخدم كل الأطراف، ويجب أن تعود العلاقة كما يقول الإخوة الفراعنة «سمن على عسل».