يعد «نقطة رجوع»، إخراج حاتم فريد، أفضل فيلم مصري عُرض في الربع الأول من عام 2008، أي قبل بدء عرض فيلم «جنينة الأسماك» ليسري نصر الله.

Ad

ففي حين لقيت الأفلام المصرية التي عرضت بين أول كانون الثاني (يناير) وآخر آذار (مارس)، هجوماً من الأذواق كافة، تراوحت الآراء حول «نقطة رجوع» بين الرفض ودرجة من القبول!

إنه أحسن المعروض على أي حال خلال أشهر ثلاثة شهدت مجموعة من الأفلام الضعيفة.

كتب الفيلم الأخوان محمود وإبراهيم حامد اللذان كتبا معاً فيلم «شباب ع الهوا» وتوقفا بعده إلى أن تمكنا من تقديم «نقطة رجوع» مع المخرج حاتم فريد.

يعتبر محاولة أخرى لأفلام الجريمة والتشويق، يلفها غموض دائم وتدعمها دراية مهارات التصوير (نزار شاكر)، المونتاج (نادية ربيع)، الديكور (سامر الجمال)، الموسيقى (خالد حماد) وإدارة مخرج وحرفة في التمثيل وخصوصاً بطله المقتدر شريف منير والممثلة الموهوبة نور والواعد الذي يحقق خطوة إلى الأمام في كل عمل محمد شومان.

يبدأ الفيلم بحادث سيارة خطير، ينجو منه، بمعجزة، الزوجان هاشم (شريف منير) والزوجة ليلى (نور)، التي تُمنى بإصابات بسيطة، بينما تحلّ بالزوج كارثتان: فقدان الذاكرة وتشويه مروع للوجه، أراد المخرج تقديمه على نحو واضح يصدم المشاهد ويثير انزعاجه وربما اشمئزازه.

تساعد ليلى زوجها ، فلا تبرح مكانها إلى جانبه في المستشفى ولا تدخر جهداً لمساعدته كي يستعيد وجهه بعمليات تجميلية، فيعود إلى وجهه الأصلي الذي نراه في الصور التي أحضرتها الزوجة، إنه شريف منير الذي يراه الجمهور للمرة الأولى.

تبقى قضية فقدان الذاكرة، فتحاول إعانته على استعادتها ويعود إلى مزاولة عمله في شركته. يساعده أحد أصدقائه والمحيطين به مع زوجته على التذكر إلى أن تبدأ الملاحظات والأسئلة في إثارة ريبته.

على مدار الفيلم نكتشف مع بطل «نقطة رجوع» أن الحقيقة هي غير ما رأينا حتى الآن، وتتراكم تفاصيل وملامح جديدة للصورة،حتى تصل بنا إلى المفاجأة الكبيرة.

كانت في حياة الزوج علاقات نسائية ونزوات، تحملت الزوجة الكثير حتى أبدى أحدهم ويدعى سليم تعاطفه معها وبدأت تتجاوب معه، إلا أنها قبل أن يجرفها ذلك التيار، أو «نقطة اللارجوع»، تصر على إنهاء العلاقة في مهدها ويتجه هو نحو السفر أو الابتعاد، لكن الزوج يكتشف الأمر في تلك اللحظة ويصطدم مع زوجته التي تتمكن من قتله، لنكتشف أن الذي كان بصحبتها في الحادث هو الحبيب، وأن عمليات التجميل منحته صورة الزوج، لإخفاء جريمة القتل.

لا نرى في الفيلم الوجه الحقيقي للحبيب أبداً، نراه طول الوقت لكن بوجه الزوج الذي رسمه أطباء التجميل ونقلوه إلى وجه الحبيب.

ويكتشف ذلك الحبيب ونحن معه، فيتحول تدريجياً من الحيرة المتزايدة والأسئلة إلى صدمة المفاجأة، ويهون عليه صاحبه همام (محمد شومان) في الختام بقوله: «ليس مهماً بأي وجه تعيش، المهم بأي قلب تحيا».

في «نقطة رجوع» نقاط ضعف وثغرات درامية وفنية يمكن ملاحظتها بوضوح ورصدها، لكن أصحابه اعتنوا به وبذلوا جهداً ظاهراً، خصوصا كحرفة وتقنية وسط .

تزخر السينما المصرية المعاصرة بمجموعة من المخرجين الذين يقدمون أعمالهم الأولى في كل موسم، وهم في معظمهم أقرب إلى حرفيين ينفذون أعمالهم بلا دراية ولا دراسة ولا عناية، إلا أن المخرج حاتم فريد يختلف عنهم. قدم في العام 2000 فيلم «حبة سكر» وهو من أولى تجارب الـ{ديجيتال» الطويلة في مصر ومشروع تخرجه في معهد السينما في ولاية كاليفورنيا، ويبدو «نقطة رجوع» نقطة بدء معقولة بالنسبة اليه ولكاتبيه، عليهم أن يدعموها ويتبعوها بما هو أنضج وأرحب وأعمق أثراً.