مرافعة: سوق شعبي في «الفتوى والتشريع»
مع ارتفاع عدد التشريعات التي يصدرها مجلس الأمة، مازالت أجندة المجلس بعيدة حتى الآن عن إقرار قوانين أكثر أهمية من بعض التشريعات «الصبغة الدينية»، التي أقرها المجلس في دور الانعقاد الماضي، فقانون استقلال السلطة القضائية من القوانين التي ستحد بشكل كبير من سلطة الجهاز التنفيذي في عمل السلطة القضائية في الشؤون الإدارية والمالية، وهو من القوانين المُلحة ويتعين إصدارها، كذلك هناك قانون خاص بإدارة الفتوى والتشريع، وينتهي إلى اعتبارها هيئة، وقانون للخدمة العسكرية يتعين إصداره، بعد إلغاء قانون التجنيد الإلزامي، وقانون التجارة الإلكترونية، وقانون للجرائم الإلكترونية، وقانون العمل الجديد المُقدم من الحكومة... وغيرها من القوانين.يتعين على مجلس الامة أن يضع في أجندته المقبلة، إقرار القوانين الملحة، كاستقلال القضاء والفتوى والتشريع، لما لها من أهمية كبرى، فالوضع الذي يمر به الجهاز القضائي في الكويت لا يحسد عليه، وهو ما يتعين معه إيقاف يد السلطة التنفيذية - ممثلة بوزارة العدل - عن أي تدخلات تخص الشأن القضائي، والقضاء الكويتي بلاشك قادر على أن يدير شأنه برجالاته الكرام، ووزير العدل الحالي محام ٍويعلم تماما مدى ضرورة تحقيق هذا الاستقلال المنشود لكل قانوني، فما بالنا بوزير محامٍ!
قد يغير إقرار قانون الفتوى والتشريع حال الفوضى الإدارية التي تعيشها هذه الإدارة، وعدم الاستقرار وعدم الوضوح في أدائها، وهو ما يتعين معه من النواب في البرلمان، التدخل سريعا لإقرار قانون هذه الإدارة أولا، وثانيا نفض هذه الإدارة وإصلاح الخلل الذي يعتري العمل الإداري فيها، الذي أصبح معيقا لعملها، فمن يتجول في أقسام الإدارة ويشاهد الملفات المتراكمة على الأرفف المكشوفة فيها، ويشاهد الممرات التي تفصل بين مباني الفتوى الثلاثة، يشعر أنه في سوق شعبي، وليس إدارة تتبع مجلس الوزراء، وتصرخ بأعلى صوتها بأنها محامي الدولة، وليس الحكومة فقط!مثلما يطالب مجلس الأمة بالرقابة والتشريع، فإن جزءاً من عمله الرقابي هو رقابة أداء الجهاز القانوني للدولة، فالوضع الذي يعيشه محامي الدولة اليوم من حال «الطفشان والكدر الداخلي»، لا يطمئن بخير لمستقبل هذه الإدارة، ولا يبشر بتصاعد عطاء شباب هذه الإدارة، إذا لم يتدخل المخلصون لإعادة النظر في وضعها.