الحقيقة أن النائب «زوّدها» كثيراً في هذا المحور وحري بالأعضاء الآخرين إدانة النائب لحماية سمعة المجلس من هذه التصرفات والاستجوابات.تناولت في الجزء السابق من المقال المحور الثالث لاستجواب الوزيرة نورية الصبيح الذي انتقد فيه الشريع الصراعات التقليدية في أي وزارة أو هيئة، ونتطرق هنا للمحور الرابع وهو:
عندما قرأت المحور الرابع تأكدت أن النائب ألقى بتبعة عيوب المجتمع كلها على وزيرة التربية حتى لو كان توليها الوزارة لم يمر عليه سنة واحدة.
النائب حمل الوزيرة عيوب المجتمع كلها، واتهم بنات الكويت وأبنائها كلهم بالانحلال والفجور فهو لا يرى في الاختلاط بين أبناء وبنات الكويت تحت قبة معاهد التعليم وبين أساتذتهم وكل العاملين من موظفين من أهاليهم، إلا بؤرة فساد... وكأن وزيرة التربية لا تدير معاهد علم إنما تدير مراقص وخمارات.
فأين ذهب الحياء؟ وكيف يتجرأ النائب على بنات الناس وأبنائهم بهذا السباب العلني؟ ويستمر النائب في البحث عن مبررات يثير بها الرأي العام فيدخل قصة منع كتب السلف وبيع كتب جنسية وقصة تلاميذ العارضية، ويلقي كل اللوم على الوزيرة.. فهل أصدرت الوزيرة قرارات أدت إلى كل هذا؟!
قانون الاختلاط صدر قبل تولي نورية الصبيح وزارة التربية ولم يُطبق بالكامل في ظل عهود الوزراء السابقين كلهم، ولن يستطيع أحد عاقل تطبيقه بالكامل لأسباب كثيرة وربما حان الوقت لإعادة النظر في هذا القانون.
أما تخوف النائب من الانحلال فهو إدانة له ولجماعته فبعد هذه السنين كلها ورغم كل جهودهم في تحويل المجتمع إلى مجتمع متزمّت، فإن الحقيقة تقول إن الانفتاح يزداد وإن على الجماعات الدينية أن تبحث عن وسائل أخرى لمحاربة «الانحلال»، إن كان ظاهرة كما يدعون.
وهذه الوسائل لابد أن تعتمد على زرع الثقة بين الشباب وتعليمهم محاسن ومساوئ ما يصل إليهم عبر وسائل الاتصال الحديثة وأن يتوقفوا عن وصم الناس بالانحلال وعزل الشباب عن العالم. إن النائب المستجوب يخفي رأسه في الرمل وهو يتجاهل حقائق الحياة ويبحث عن رأس يقطعه ليدّعي أنه صان المجتمع وحماه من الشرور. نورية الصبيح لم تخلق نظام الاختلاط ولن تكون «أشطر» ولا أقوى من غيرها لفرض قانونه حتى لو أرادت... والكل يعلم بما فيهم النائب الشريع. إن عملية الفصل بين الطلبة والطالبات غير عملية وغير مجدية وتحتاج إلى إمكانات إدارية وأكاديمية لا تتوافر للكويت علاوة على أنه مظهر رجعي ويسيء للكويت لو تم تنفيذه. ما يحدث من أخطاء داخل الجامعة أو خارجها لن يوقفه خلق جامعتين واحدة للبنين وأخرى للبنات كلنا نعرف ذلك، لكن ما يريده النائب وإخوانه هو مظهر يتبجحون به بقوتهم وسيطرتهم على المجتمع.
أما الحوادث التي استخدمها النائب للإطاحة بالوزيرة فليقل لنا كيف لأي وزير أن يمنع جريمة في أي موقع في الكويت؟ الحوادث التي نقرؤها يومياً تملأ صفحات الجرائد فهل نطيح بكل وزير تحدث في وزارته جريمة من نوع هذا الجرائم؟ ماذا عن خبر الشرطة الذين اعتدوا على غريبة في أحد المخافر؟ هل نثيرها في مجلس الأمة أم ندع القضاء يقتص للمغتصبة؟ أجد نفسي ملتاعة لهذا النوع من المغالاة فكيف يرضى عضو يدّعي الخوف من الله ويستخدم آياته في كل محور أن يجيز لنفسه كيل هذه التهم لإنسانة تريد أن تخدم وطنها ومجتمعها؟ ألا يخشى غضب الله؟
ويكشف النائب عن مكنون نفسه حين يتحدث عن منع كتب السلف وإجازة كتب جنسية وليت أحداً محايداً يبحث في هذا الموضوع، فربما وجدنا أن الكتاب الجنسي من تأليف أحد أتباعهم؛ مثل كتاب عن المعاشرة الزوجية رأيته أكثر من مرة في معرض الكتاب يباع مع الكتب الدينية... ثم رأيته يباع في الجمعية التعاونية ومؤلفه شيخ دين من لبنان قرأته فذهلت من الوصف الدقيق للممارسة الجنسية، وحين قلت للبائع إن هذا الكتاب قد لا يصلح بيعه للأطفال ولناشئة، قال لي إنه لاحياء في الدين. أي أن الكتاب مادام قد كتبه شيخ دين فلا مانع من بيعه لأي كان أما إذا كان الكاتب لا ينتمي إليهم فهو فاجر يريد تخريب عقول الناس ونشر الانحلال بينهم. على النائب أن يبين لنا ماذا نقرأ؟ وماذا يصلح للكبار والصغار؟ وأن يضع رقيباً لكل معرض كتب بحيت لا يوزَّع أو يُباع إلا الكتب التي يؤلفها شيخ دين حتى يسلم وزير التربية ووزير الإعلام من الاستجواب؟
الحقيقة أن النائب «زوّدها» كثيراً في هذا المحور وحري بالأعضاء الآخرين إدانة النائب لحماية سمعة المجلس من هذه التصرفات والاستجوابات.
لو نجح النائب في إرغام الوزيرة على الاستقالة أو طرح الثقة، فإن الخاسر الأكبر هو التعليم والتربية في دولة الكويت، وياليت النواب وأعضاء الحكومة يدركون المصيبة قبل حدوثها.