Ad

أغلب الظن أنه لا حرب سورية–إسرائيلية على الطريق، فالسوريون لا يريدونها، وهم غير مستعدين لها، وكذلك فإن الإسرائيليين بدورهم لا يريدون مثل هذه الحرب... اللهم إلا إذا حصل على جبهة الملف النووي الإيراني، وعلى جبهة الأوضاع اللبنانية الداخلية، ما يجعل مثل هذا الخيار لا خيار غيره!!

فاروق الشرع استبعد نشوب حرب بين بلاده وإسرائيل ووزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قال، وهو يشرف على مناورات عسكرية في هضبة الجولان المحتلة «إن إسرائيل لا تريد الحرب وأن سورية بحسب تقديراتنا لا ترغبها كذلك... ولذلك فإنه لا يوجد أي سبب لاندلاعها»، وكل ذلك في حين كان زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصرالله قد توعد الإسرائيليين في الذكرى الأولى لتوقف حرب صيف السنة الماضية بأن هناك «مفاجأة كبرى» يُحضّرها لهم إن هم فكروا في شن عدوان جديد على لبنان!!

فهل ستشهد نهايات هذا الصيف وبدايات الخريف المقبل حرباً جديدة في الشرق الأوسط بين إسرائيل من جهة وسورية و«حزب الله» من جهة ثانية؟!

المؤكد أن سورية لا تريد مثل هذه الحرب على جبهة الجولان، وهي غير مهيأة لها وليس لها رغبة فيها، لكن المؤكد أنها ليست ضد اندلاع مواجهة جديدة بين «حزب الله» وإسرائيل على غرار مواجهة الصيف الماضي، والسبب هو أنها تشعر بأن هذا الجمود مُتْعِبٌ لها وأنها بحاجة إلى إعادة خلط الأوراق في المنطقة، وبحاجة أيضاً إلى قَطْعِ الطريق على مؤتمر الخريف المقبل الذي لم تُدع إليه والذي، وفقاً لتصريحات الرئيس الأميركي جورج بوش، سيخصص لإحداث انفراج بالنسبة لمأزق القضية الفلسطينية.

كان المسؤولون السوريون قد أكدوا عندما كانت نشوتهم بـ«الانتصار الإلهي»، الذي حققه «حزب الله» اللبناني على الإسرائيليين في حرب صيف السنة الماضية، لاتزال في ذروتها أنهم ذاهبون إلى خيار «المقاومة» إذا بقي الجمود على مسار هضبة الجولان على ما هو عليه، لكن المؤكد أنهم بعد تراجع حماس هذا «الانتصار الإلهي» قد تراجعوا هم أيضاً عن هذه الفكرة التي سيستدرِجُ تطبيقها، ولو من قبيل المناورة، إلى حرب طاحنة يبدو أن سورية لاتزال غير مستعدة لها ولا تريدها.

وبهذا فإن أغلب الظن انه لا حرب سورية–إسرائيلية على الطريق، لا في نهايات هذا الصيف ولا في بدايات الخريف المقبل؛ فالسوريون لا يريدونها وهم غير مستعدين لها، وقد ثبت أنه لا يمكن استدراجهم إليها وكذلك فإن الإسرائيليين بدورهم لا يريدون مثل هذه الحرب.. اللهم إلا إذا حصل على جبهة الملف النووي الإيراني وعلى جبهة الأوضاع اللبنانية الداخلية ما يجعل مثل هذا الخيار لا خيار غيره!!

إذا انتهت أزمة الملف النووي الإيراني إلى مواجهة عسكرية أميركية–إيرانية فإنه غير مستبعد أن يغتنم الإسرائيليون الفرصة لتوجيه ضربة استراتيجية إلى سورية لتدمير إمكاناتها العسكرية، التي يقال أنها تنامت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وكذلك فإنه شبه مؤكد، هذا إذا لجأت دمشق إلى تحريك جبهة الجنوب اللبناني عبر «المفاجأة الكبرى» التي تحدث عنها حسن نصرالله في خطابه الأخير ، أن تتوجه إسرائيل بثقل ضربتها هذه المرة إلى الأهداف السورية النوعية وليس إلى الأهداف اللبنانية.

لن يكون تصرف الإسرائيليين، إذا تحرش بهم «حزب الله» بأي طريقة من الطرق وبأي أسلوب من الأساليب، كتصرفهم في المرة السابقة، والمؤكد أنهم هذه المرة سيستهدفون سورية وليس ضاحية بيروت الجنوبية، والمعروف أن الأميركيين في حرب صيف العام الماضي قد طلبوا منهم، أي من الإسرائيليين، أن يستغلوا الفرصة وأن يوجهوا ضربة قاصمة إلى القدرات العسكرية السورية، لكن الحكومة الإسرائيلية التي كانت لا تريد أي تغيير في دمشق غير محسوب العواقب بدقة قد رفضت هذا الطلب الأميركي، بل بادرت إلى إرسال تطمينات بهذا الخصوص إلى الحكومة السورية عبر وسائل الإعلام وعبر طرف ثالث تحرك مراراً على هذا الخط.

 

*كاتب وسياسي أردني