و جهة نظر : شارع 18.. الدوران في حلقة مفرغة!

نشر في 28-03-2008 | 00:00
آخر تحديث 28-03-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين عكس فيلم «لحظات أنوثة»، بدت الوجوه الشابة والجديدة في فيلم «شارع 18» مبشِّرة وموهوبة، خصوصاً دنيا سمير غانم، التي أثبتت أنها تستطيع تحمُّل بطولة فيلم، وأن لها حضوراً خاصاً، وحتى أحمد فلوكس الذي لم يكن في أحسن حالاته في «شارع 18» إلا أنه أكد موهبته في أكثر من عمل من قبل،

إلى جانب ميس حمدان، عمرو حسن يوسف، أشرف مصيلحي، جميعهم قدموا أدواراً متواضعة في فيلم متواضع، لكن الأهم أنها توحي بمقدرة على أداء أفضل، وأنهم سيخطون خطوات إلى الأمام وينضجون أكثر في حال توافر فرصة لفيلم أرقى.

كذلك المخرج جديد هو حسام الجوهري والكاتب جديد هو عمرو شامة، وهما بدورهما يستعدان لإمكان التطور والنضج، لكن ما قدماه على أي حال في «شارع 18» هو أقرب إلى الضعف و«التلعثم» وإلى الدوران في القوالب القديمة والمعالجات المسطحة، التي تستخف بفن السينما وذهن المشاهد!.

«شارع 18» فيلم بوليسي تقليدي، يتمحور حول جريمة القتل وحول السؤال من القاتل؟ غير أن «القتل» في الفيلم، كما يتضح، ليس إلا «شروعاً في قتل»، والذي شرع فيه هو العم (سامح الصريطي) الطامع بميراث ابنة أخيه حتى أنه لم يتورع عن محاولة قتلها، لكنها ترسم مع شقيقها وحبيبها خطة لمواجهته يوهمونه فيها بأن القتل تم بالفعل وأن مسعاه اكتمل حتى يُفضح في النهاية، فتتمكن من تحرير ميراثها من قبضة العم الطامع، إلا أن جريمتهم تبدو خفيفة في حدود «إزعاج السلطات»!.

يعدّ «شارع 18» من أفلام الميزانية المحدودة، إلا أن السينما شهدت تجارب كثيرة، استطاع أصحابها أن يصنعوا فناً سينمائياً غنياً وعميقاً ومؤثراً بميزانية ضئيلة وجاء التعويض بالرؤية الرحبة والمعالجة الناضجة والتجسيد الجميل!.

يمثل «شارع 18» محاولة أخرى تبحث فيها السينما المصرية عن نوعيات متباينة من الأفلام كما ظهر في الآونة الأخيرة، بدلاً من الاقتصار على نوعية محددة ما يفسر تعدد الألوان الفنية التي بدأت تعرفها السينما أخيراً مثل الحركة (الأكشن)، أو الأخرى التي تمزج طابع الحركة بمسحة من الرومانسية، أو على غرار ما نجد في فيلم «شارع 18» حيث تمتزج الجريمة البوليسية بلمسات من سينما الرعب...

على الرغم من هذه المحاولات كلها ، تدور السينما المصرية في حلقة مفرغة، فهي تهرب من تقديم معالجات «فكاهية» تجارية استهلاكية بدأ يمل منها الجمهور ولم تعد قادرة على أن تثير ضحكاته وحتى اهتمامه، أو معالجات تجارية استهلاكية أخرى ضمن الجو البوليسي أو الأكشن ليست قادرة على أن تثير دهشته أيضاً.

وحده الفن الحقيقي الغائب الأكبر في هذه المعادلة والقادر على اتزان الصورة واعتدال الميزان.

تنطلق الأخطاء في «شارع 18» من الخطأ الأول وهو السيناريو المفكك، بالغ السطحية والاستسهال، والحال نفسها في مجمل أفلام السينما السائدة حالياً، فلا سيناريو جيداً أو بناء درامي متماسكاً، ولا حتى بهدف التسلية التي تفترض أن يكون الفيلم متقناً ومقدماً من دون استسهال أو إهمال ـ درامياً وحرفياً ـ وهو أمر بات للأسف مفتقداً اليوم.

فماذا يبقى إذن؟ لا نعلم نحن عشاق الفن السابع.

لا يبقى بالطبع ـ مع الأسف ـ إلا «عمليات خاصة».. و«غرفة 707».. و«حسن طيارة».. و«لحظات أنوثة»... و«شارع 18»!!!

back to top