بنك جابر على الطريقة الحكومية...!!
الحكومة لا ترى جدوى اقتصادية من تأسيس بنك إسلامي جديد، هي التي باعت حصتها أخيراً في عدد من البنوك الكويتية بأسعار تنافسية، وصلت قيمة البطاقة المدنية في إعادة الاكتتاب فيها إلى 30 ديناراً!! والحكومة التي تعلن أنها لا تملك الجهاز الإداري لتشغيل البنك المقترح تملك جهازاً وظيفياً، قوامه ربع مليون موظف في مختلف الأجهزة والوزارات، أغلبيتهم بلا عمل وبلا إنتاجية.
مبررات الحكومة في رد قانون «بنك جابر الإسلامي» الذي أقره مجلس الأمة، تدعو إلى الشفقة على حالها، ويثير السؤال من جديد حول الإدارة الحقيقية لأمور البلاد داخل مؤسسة مجلس الوزراء، فإذا كان هذا القرار قد تم التوصل إليه في مجلس الوزراء الموقر بإجماع أعضائه أو حتى بأغلبيتهم، فهذا في حد ذاته دليل يؤكد، إما افتقار الحكومة للرؤية، وإما أنها تدار بلا حول ولا قوة من قِبل مجموعة من المستشارين الذين يسرحون ويمرحون في أجندات خاصة ومحفوفة، وإلا هل يعقل أن «تطوف» على أعضاء الحكومة جميعاً جملة من الملاحظات؛ أقلها عدم صياغة مرسوم الرد بهذا الشكل «الفضيحة»؟!فالحكومة التي بررت رفضها بعدم القدرة على أن تدير بنكاً برأسمال 100 مليون دينار، هي نفسها التي تحمل شعار تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي!! والحكومة التي تشكك في إمكاناتها وقدراتها لتشغيل هذا البنك، هي نفسها المؤتمنة على رقابة جميع البنوك المحلية من خلال البنك المركزي!! والحكومة لا ترى جدوى اقتصادية من تأسيس بنك إسلامي جديد، هي التي باعت حصتها أخيراً في عدد من البنوك الكويتية بأسعار تنافسية وصلت قيمة البطاقة المدنية في إعادة الاكتتاب فيها إلى 30 ديناراً!! والحكومة التي تعلن أنها لا تملك الجهاز الإداري لتشغيل البنك المقترح تملك جهازاً وظيفياً قوامه ربع مليون موظف في مختلف الأجهزة والوزارات، أغلبيتهم بلا عمل وبلا إنتاجية، كما يقف أكثر من 30 ألف مواطن على قائمة الانتظار بحثاً عن وظيفة!! وتضيف الحكومة في مبرراتها لرفض البنك ارتفاع الكلفة المالية له على الرغم من أن حصتها من هذه الكلفة لا تجاوز 76 مليون دينار موزعة بالتساوي على المواطنين، وهي نفسها التي مررت مجموعة من الزيادات على الرواتب والكوادر الوظيفية بلغت كلفتها ملياري دينار خلال السنتين الماضيتين، كما سددت مخصصات مالية بقيمة مليار دولار لدعم العملات المحلية في بعض الدول العربية أخيراً!!والحكومة التي تشكك في جدوى هذا البنك الإسلامي، هي التي تشرف وتدقق فعلياً على أداء البنوك التجارية المحلية التي يبلغ صافي أرباحها نصف مليار دينار سنوياً!! والحكومة التي تتذرع بعدم قدرتها على استثمار 76 مليون دينار في بنك محلي هي التي تعلن في الوقت نفسه وجود فائض في الميزانية العامة للدولة بأكثر من 11 مليار دينار خلال الأشهر القليلة الماضية!! والحكومة الحريصة على المال العام هي نفسها التي سجل عليها ديوان المحاسبة أكثر من مليار دينار من اختلاسات وهدر وشبهات التعدي على أموال الدولة سنوياً!!وأخيراً، الحكومة التي ترفع شعار التعاون مع مجلس الأمة، خصوصا أن المجال المشترك الوحيد لمفهوم التعاون هو في التشريع، ترفض هذا القانون الذي أُقر بإجماع أعضاء مجلس الأمة، تماماً مثل موقفها من قانون مكافأة الطلبة وقانون بدل الإيجار وقانون المستودعات الجمركية!!هذه رؤية مختزلة ذات بعد استراتيجي وسياسي وإداري واقتصادي للحكومة... ولنا بعد ذلك أن نتفاءل ببرنامجها التنموي ونهجها الإصلاحي!!