هل الشباب بحاجة للوصاية؟ هل صحيح أن شبابنا ضائع ولا يعرف ما يريد؟ وكيف تولد لدينا هذا الانطباع؟ الحال يقول إن الشباب يتعرض لهجوم عنيف من طرفين متناقضين؛ أحدهما يجره إلى الانكفاء والزهد والبعد عن الحياة وانتظار الموت ويحيط به جدار كبير من المحرمات. بينما على الجانب الآخر هناك شاشات الفضائيات والإنترنت وجميع وسائل المعلومات التي تجره إلى الضفة الأخرى، حيث كل شيء متاح له يرى فيه كل جديد وكل أنواع الحياة في عوالم أخرى بما فيها كل ممنوع. فأصبح كما يقال بين المطرقة والسندان. فما العمل؟ ماذا يعمل شباب يرى ويسمع كل ساعة ما تزخر به شبكة الإنترنت والفضائيات، بينما هناك من حوله من يتوعده بالويل والثبور وعظائم الامور، كيف يتصرف وكيف يختار؟
المشكلة التي يواجهها الشباب أن أحداً لم يستطع فهم ما يريدونه ولم يستطع أحد أن يصل إلى عقولهم ويبسط الأمور لهم وتوعيتهم من دون وصاية. الجمعيات الاسلامية لم تجد غير الزجر والنهي والتلويح بنار جهنم، بينما لا أحد يدخل عالم الشباب ليبين له الغث من السمين، فيما تزخر به وسائل الاتصال والمعرفة الحديثة، من دون وصاية أيضا. فالشاب أصبح منقسماً على ذاته بين ما يجوز وما لا يجوز، ولا أحد حوله للعناية والرعاية. إما التعذيب أو الإهمال... ولا حل وسطاً بينهما. فمن يقرع الجرس؟ من يقف مع الشباب في اختياراته؟ لذلك وجدنا التوجه الى المخدرات والتسكع في الشوارع التي وجدها بعضهم وسيلة للهروب من هذا الضغط المتواصل في غياب دور جاد ومتفهم من الأهل ومؤسسات المجتمع المعنية. الأمل الذي ظهر في بيانات ومواقف الشباب إبان مناقشات الدوائر الانتخابية والفساد وغيرها وما يظهر الآن في المدونات، ليس مرده أن أحدا استطاع توجيه الشباب إلى هذا الاتجاه أو ذاك. أعتقد أن مرده أن الشباب قرروا أنهم سيكونون أسياد أنفسهم، وأن خير خلاص من الضغط والإهمال هو أن يكونوا أصحاب رأي حر، وأن تكون لهم كلمة مسموعة. وظهرت لذلك قيادات ومواهب شابة هي التي تقود عملية التصحيح لمسار الشباب هذه الأيام . لا أحد يقول إن كل الشباب بدأوا مرحلة الوعي والالتزام بقضاياهم، ولكن هذه هي البداية، وهذا هو طريق الخلاص من عُقد الماضي وسجن ما بلي من تقاليد وإرهاب جماعات الأمر والنهي من ناحية، والتوجه الى العمل الجاد بعيداً عن التوافه التي تجيء به وسائل الاتصال الحديثة. فهل نتركهم أم نكبح نهضتهم؟ هل من مصلحة الكويت أن تنمو حركة الشباب في ظل أجواء من الحرية والجدية، أم إن هناك مّن يخشى هذا التوجه فيثير عليهم جماعات الأمر والنهي لزجرهم وردعهم عن ممارسة حياتهم الطبيعية وأخذ زمام المبادرة في كل ما يعتقدونه؟ فالشباب هم المستقبل، وإذا لم ندعهم يتعلمون ويدركون طريقة عمل هذا العالم بكل حسناته وسيئاته، وكيف يتحاشون مطباته بأنفسهم ومن دون ضغط أو إجبار، فإننا نجني عليهم ونجني على بلدنا. فهل لدينا الشجاعة لإعطائهم هذا الحق؟!
مقالات
إلى أين 8
08-08-2007