Ad

إن بوش وإدارته المتبجحة بالدفاع عن الحرية والديموقراطية وحق تقرير المصير يطالبان بإلحاح العالم كله وسورية وإيران على وجه الخصوص بعدم التدخل في الشؤون العراقية واللبنانية، لا بل إنهما يحمّلانهما المسؤولية عما يحصل من خراب وتخريب، وقد وصل به الأمر من الاعتداد بنفسه إلى درجة يمكن القول معها إنه ممن يوحى إليه.

مرة أخرى يظهر التمرّد الروسي على الأحادية الأميركية المنكسرة حاداً وغاضباً لكنها المكابرة في الوقت نفسه، إذ يعلن بوتين وعلى خلفية تدخل أميركي سافر في شؤون روسيا الانتخابية الداخلية: «بأن أميركا لا تريد أصدقاء لها بل أتباع...»!

أميركا المكابرة هذه من جهة أخرى ورغم مسؤوليتها المباشرة عن تدمير النسيج العراقي والتضحية بالعملية الديموقراطية فيه لمصلحة أمنها واستقرارها وأمن جنودها وراحتهم تعلن مجدداً وعلى لسان رئيسها المكابر هذا أنه: «غير راض عن التقدم البطيء في سير العملية السياسية في العراق...»!! وكأن من خرب هذه العملية هم الغرباء القادمون من البحار البعيدة من سوريين وإيرانيين طبعا، فكدروا الأحوال على «ابن البلد» الأميركي الديموقراطي من أهالي الكوت والموصل والبصرة وبغداد والناصرية والعمارة...!

إن أميركا المكابرة هذه هي نفسها مرة أخرى وليست الأخيرة على ما نظن، خرجت على اللبنانيين في آخر تصريح لها وعلى لسان رئيسها المكابر، وبعد أن خربت صيغة التوافق الذي كان يلوح في الأفق بين اللبنانيين أكثر من مرة ليقول: «إن على الأكثرية البرلمانية أن تختار رئيساً للبلاد بالنصف زائد واحد بعد أن خربت المعارضة والسوريين التوافق... وأن هذا الرئيس سيكون محل دعم العالم أجمع»!

أميركا المكابرة والمتجبرة والمتغطرسة هذه وبعد تصويت الرأي العام العالمي في أكثر من استطلاع للرأي بأنها هي وربيبتها إسرائيل هما اللتان تشكلان خطراً داهماً على الأمن والاستقرار الدوليين... لايزال رئيسها المكابر يعتقد أن كوريا الشمالية وإيران هما البلدان اللذان بشكلان الخطر الداهم على السلم والأمن الدوليين...! تماماً كما كان العراق قبل عدة سنوات وبشهادة شاهد الزور الكبير طبعاً طوني بلير هو الخطر الداهم آنذاك...!

طبعاً، يجب ألا ننسى هنا وصفه الذي لا ينقطع للقيادات الإسرائيلية لاسيما الجزار شارون في حينه بأنه داعية السلام الأكبر و«المدافع» المقدام عن هذا المشروع الحضاري بوجه قوات الغزو الفلسطينية الغازية للأراضي الإسرائيلية...!

وأيضاً يجب ألا ننسى إصراره مبكّراً على وصف محمد دحلان «بالقائد الهمام» ووضعه بوجه الراحل ياسر عرفات لينتهي الأمر بالأخير إلى الاستشهاد بعد الموت كمداً من دحلان وأمثال دحلان المدعومين «بوشياً»! وإصراره أخيراً على دعوته شخصياً للحضور إلى أنابوليس... كيف لا وهو المنسق الأهم مع مندوب المخابرات الأميركية المكلف بتدريب قوات السلطة الفلسطينية الجنرال دايتون... قبل أن يفرّا سوياً من غزة الممتحنة اليوم بالتجويع والحصار!

ومع ذلك كله فإن بوش وإدارته المتبجحة بالدفاع عن الحرية والديموقراطية وحق تقرير المصير يطالبان بإلحاح العالم كله وسورية وإيران على وجه الخصوص بعدم التدخل في الشؤون العراقية واللبنانية، لا بل إنهما يحمّلانهما المسؤولية عما يحصل من خراب وتخريب، باعتبار أن قواتها الغازية للعراق هي التي تقوم ببناء الجسور والطرقات ومحطات الماء والكهرباء وتؤمن المواد الاستهلاكية الضرورية في العراق ولبنان وليس إيران ولا سورية بالطبع!

لم يعد رئيس أقوى دولة في العالم متوازناً على الإطلاق إذا لم نقل إنه بدا «فاقداً عقله»! كما ورد على لسان أحد المرشحين الديموقراطيين لانتخابات الرئاسة الأميركية أخيراً، وقد وصل من الاعتداد بنفسه إلى درجة يمكن القول معها لو أن الزمن هو زمن نزول الوحي الإلهي على آخر غير خاتم النبيين محمد بن عبدالله لقلنا إن شأن نزول الآية الشريفة : « أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ...» يكاد ينحصر في هذا الرجل «الكافر» بكل المعتقدات والآلهة رغم ادعاءاته المزيفة بأن ما يقوم به لا يأتي من فراغ و«إنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى»!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي-الإيراني