Ad

لو كنت شاباً فتياً عفياً و«فيني الحيل» على ممارسة دور البعل الفحل، لكنت ابتدعت فحوصاً اجتماعية ونفسية وغيرهما تسبق هي الأخرى مسألة عقد القران، وسأسعى إلى طلب شهادة «منشأ» تفيد بأن العروس أصلية، وليست «تايوانية» ولا «صينية»، حيث الشكل زين، والطلة جذابة، لا «جذابة».

* لا جدال في أن القرار، الذي اتخذته اللجنة التشريعية في مجلس الأمة، بشأن الفحص قبل الزواج، يشكل بادرة صحيحة صحية، تسعى إلى إتمام الزيجات بمنأى عن الأمراض التي يمكن أن تكون ساكنة في جسد أحد الزوجين! وأحسب أن بلادنا تأخرت كثيراً في إهمال التشريع المكرس لفحص العروسين طبياً، قبل أن يتورط الاثنان في ارتكاب زواج على ورقة طلاق! والقانون - بداهة - ملزِمٌ للكافة، ويفترض أن ينفذه المواطنون جميعهم من دون استثناء، لكن - وآخ من لكن هذه - الذين ألفوا تجاوز القوانين والالتفاف عليها يشكلون الاستثناء الكويتي الشاذ الذي لن يعدم وسيلة ولا واسطة تمكنه من العرس والزواج من دون فحص طبي!، من جانب آخر أعرف شبابا (من الجنسين) يحرصون على إتمام الفحص الطبي ليقينهم بضرورته لصحة وعافية حياتهم الزوجية، وسمعت مراراً القاضي أو الفقيه المكلف بعقد القران ينصح ذوي العروسين بإجراء الفحص الطبي قبل العرس والزفة، كي لا تتحول ليلة «الدخلة» إلى ليلة تعيسة «ميلودرامية»، كما تتبدى في نهاية فيلم هندي ذي جرعة «تراجيدية» فاقعة!

إن مشروع قرار الفحص يخلص العرسان من الزواج بحسب طريقة شراء البطيخ الأحمر المتكئ على الحظ والنصيب والمقامرة والمغامرة والتخمين والحدس وكل وسائل وسبل وعدة شاري البطيخة بمنأى عن يقين السكين القاطع! ونحن الجيل المخضرم تزوجنا «بطيخي» تأسياً بعادات الآباء والأجداد، من هنا ترانا نلوك ونجتر مقولة إن الزواج نصيب.

* لكن دوام الحال من المحال، فعرسان الألفية الثالثة يعرفون بعضهم بعضا قبل الزواج، وقد تربطهم علاقة غرام وهيام تتجلى في معادلة قوامها: «مسج، فنظرة، فإيميل، فموعد و(شاتنج)... فلقاء»! ومن هنا أحسب أن الشباب المقبلين على الزواج يحتاجون إلى فحوصات شتى، لا تقف عند حد ممارسة الفحص الطبي فحسب! ففي العديد من دول العالم يلجأون إلى مولانا الحاسوب، بعد أن يحشو كرشه ويتخموه بالمعلومات الخاصة بالعروسين، لمعرفة رأيه في صلاحيتهما لبعضهما البعض! فالحاسوب يمنح ويمنع رخصة الجواز، فهو جهينة «الديجيتال» الذي بحوزته الخبر اليقين! ناسين ومتناسين أن الألفة والحب هما «كيمياء» وجدانية فطرية ربانية تتخلقان بين عشيرين ووليفين عفوياً، وتحدث لأن «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» حسب قول رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولأن هذه الكيمياء تعتمد على فتوى القلب، فإن كثيراً من زيجات شباب هذه الأيام هي بمنزلة «زواج على ورقة طلاق»! ودليل ذلك أن العروسين المتحابين اللذين يتباريان في التجمل في سلوكهما تجاه بعضهما، تتقوض زيجتهما أمام أي خلاف يقع بينهما! ولعل الإحصاءات، التي تعلنها وزارة العدل بين حين وآخر، تشي بوجود ظاهرة طلاق بين العرسان الشباب لأوهن سبب! والمؤسف انه لا يوجد جهاز يسبر أعماق الكيمياء... وصدقها وحضورها! ذلك أن الحب الخاطف ينشأ وسط إطار مرجعي يعتمد على ثقافة الحب السينمائي والتلفزيوني المترع بالخيال والأوهام والذي منهما!

الزبدة: إن هذا الزواج «الديجيتال»، الذي يتم بسرعة «الفيمتوثانية»، هش جداً كبيت العنكبوت- مع الاحترام الشديد لحضرة العنكبوت- ويحمل في ثناياه وطياته سوسة انهياره وتقوضه كبرق خاطف!

* ولو كنت شاباً فتياً عفياً و«فيني الحيل» على ممارسة دور البعل الفحل، لكنت ابتدعت فحوصاً اجتماعية ونفسية وغيرهما تسبق هي الأخرى مسألة عقد القران، علَّها تسهم في توفير المناخ السوي الصحي للحياة الزوجية المرجوة.

بادئ ذي بدء: سأسعى إلى طلب شهادة «منشأ» تفيد بأن العروس أصلية، وليست «تايوانية»، ولا «صينية»، حيث الشكل زين، والطلة جذابة، لا «جذابة»، صحيحة الجسم وخالية من صنعة أطباء جراحة التجميل، وصرعة «النيولوك» إياها!

من هنا: لا مناص ولا خلاص إلا بالنكوص والردة إلى «الخاطبة» التي تقوم بالسياحة والتسكع في جغرافيا جسد العروس، للتأكد من أن ماهيتها وخلقتها ربانية لم تزوقها وترممها وتزينها عدة جراحة التجميل وأدواتها! وهذا الاقتراح ينسحب على العروسين درءاً لأي تحيز ذكوري يظلم حواء من دون سند ولا مبرر قانوني أو فقهي! وثمة شهادة لا بد منها بشأن العرسان تثبت أن البعل المنتظر خالٍ من «جينات» البخل، وحرمنة المال العام واستباحته! فلا أحسب أن إنسانة ترحب بعريس «جلدة» يبيتها على الطوى، ويطعمها الرز الحاف من دون إدام، ويسقيها المر والعذاب أشكالا وألوانا! اضافة الى أنه حرامي قطاع عام معتبر!

زد على ذلك ضرورة تطعيم الزوج المنتظر ضد العنف والميز الذي قد تفاجأ به العروس ليلة الدخلة، وما يليها! فثمة العديد من الزيجات الفاشلة جراء الممارسات الإجرامية التي يرتكبها بعضهم من دون أن يرف لهم جفن، أو تهتز لهم لحية! وربما يحتاج الأمر هنا إلى شهادة حسن سير وسلوك صادرة عن مختار المنطقة بمعية شهود عدول، ليطمئن بال العروس، وتكون رادعاً للعريس الذي تسول له نفسه الأمّارة بالعدوان والوحشية! أما الضمانة الأخرى الضرورية في هذا السياق فتكمن في أن يحلف عريس المستقبل، بالله ثلاثاً بأنه سيوزع وقت فراغه بالعمل والقسطاس بين أهل بيته وأصدقائه، درءاً لأي قسمة ضيزي قد تكون لمصلحة الذكر على حساب حقوق الأنثى المشروعة، ولأن الأماني والأحلام ليس عليها مكوس وضرائب، فلا بأس على عرسان أيامنا هذه إذا لم تتحقق على أرض الواقع! وما دام الأمر كذلك فحسبهم الآن الالتزام بإجراء الفحص الطبي السابق للزواج، إلى حين يأتي اليوم الذي يكون فيه العروسان كاملي الأوصاف!