إن اللوائح التي تحكم عمل الأمم المتحدة ليس لها أي اعتبار لأن قراراتها غير ملزمة التطبيق، فإذا كنا نريد شرعية دولية بحق، يجب أن يُلغى مجلس «الغم» و«الفيتو» ولتنقل جميع القرارات إلى الجمعية العامة، وليكن الوزن التصويتي لكل دولة حسب تعدادها السكاني.كثيراً ما يتردد مصطلح الشرعية الدولية ومقولة: «يجب أن نطبق قرارات المجتمع الدولي»، لكن هل هناك فعلاً شيء من هذا القبيل؟! وأي شرعية دولية تحكم جميع الدول بالعدل والمساواة ولديها معايير ثابتة وواضحة للفصل والحكم بين الدول؟! وللإجاية عن هذا السؤال دعونا نقيّم مسيرة ونظام راعية الشرعية الدولية، أي الأمم المتحدة:
فمن ناحية اللوائح التي تحكم عمل هذه المنظمة، نجد أن الجمعية العامة للأمم المتحدة -التي تضم جميع الدول الأعضاء- ليس لها أي اعتبار لأن قراراتها غير ملزمة التطبيق، وفي المقابل نجد أن القوة الفعلية تكمن في مجلس الأمن الدولي الذي يضم خمس دول دائمة العضوية، ومن بين هذه الدول الخمس هناك ثلاث دول على الأقل تدّعي أنها دول ديموقراطية وتسعى دائما إلى نشر الحريات والأنظمة الديموقراطية حول العالم، بينما تمارس هي بنفسها الدكتاتورية في مجلس الأمن عبر ما يسمى بحق «الفيتو».
فالولايات المتحدة مثلاً استخدمت هذا الحق «ولا أدري كيف أصبحت ممارسة الدكتاتورية حقاً» عشرات المرات ضد قرارات تدين عنف «وليس إرهاب» الكيان الصهيوني ضد المدنيين الفلسطينيين، ومع أن أميركا تدرك جيداً أن قرارات الإدانة هذه لا تغني ولا تسمن من جوع، ولن تردع هذا الكيان الغاصب من الاستمرار في ممارسة الإرهاب، إلا إنها تصر دائما على إفشال مثل هذه القرارات، و كان آخرها قرار يدين الحصار والتجويع المفروض على أهالي قطاع غزة. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فقد اعترف السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة بأن بلاده كانت تعرقل أي وقف مبكر لإطلاق النار بين الكيان الصهيوني ولبنان حتى يستطيع هذا الكيان تحقيق أهدافه من هذا الاعتداء.
أما من ناحية الفعل وتنفيذ القرارات، فقد رأينا كيف ساهمت هذه المنظمة بشكل غير مباشر في قتل عشرات الآلاف من البوسنيين عبر سياسة إرسال قوات سلام من دون السماح لهم بالتدخل لفض القتال والاشتباك بين الميليشيات والمدنيين. بل رأينا جميعاً كيف انسحب جنودها كالفئران من مدينة سربرينيتسا مفسحين المجال للصرب حتى يرتكبوا مجزرتهم الكبرى بحق نحو 7 آلاف من المسلمين البوسنيين خلال أيام معدودة! كما رأينا كيف قررت هذه المنظمة تشكيل لجنة تحقيق في جرائم الكيان الصهيوني بمدينة جنين عند اندلاع الانتفاضة الثانية، لكن عندما ضرب الصهاينة بهذا القرار عرض الحائط ورفضوا استقبال هذه اللجنة لم تحرك الأمم المتحدة ساكناً ومرّ الأمر كأن شيئاً لم يكن!
ورأينا أيضاً كيف قامت القيامة لأسر المقاومة اللبنانية جنديين صهيونيين بينما يصمت الكل عن قتل وانتهاك حرمات أهل الجنوب اللبناني، وكانت آخر الأحداث قبل عدة أيام عندما قتل الصهاينة أحد المدنيين اللبنانيين! أما الحدث الأكثر استهتاراً بقوانين المنظمة فكان عندما حاولت أميركا وبريطانيا الحصول على تفويض من مجلس الأمن لشن حرب على العراق، وعندما تبين أنهما لن تستطيعا الحصول على ذلك التفويض، تجاهلتا الأمم المتحدة وقامتا بحربهما المدمرة التي وصفها الأمين العام السابق كوفي أنان بأنها «غير شرعية»! كل ذلك من دون أن تكون هناك أي عواقب أو عقوبات على كسر قوانين المنظمة وتجاهلها.
فإذا كنا نريد شرعية دولية بحق، يجب أن يُلغى مجلس «الغم» و«الفيتو» ولتنقل جميع القرارات إلى الجمعية العامة، وليكن الوزن التصويتي لكل دولة حسب تعدادها السكاني.
وبعد كل هذه الأمثلة التي تعتبر «غيضاً من فيض» فإن هذه ليست شرعية دولية أيها الأعزاء بل «طوفة هبيطة» وأداة تستعملها الدول العظمى متى أرادت وتتجاهلها متى أرادت حسب مصالحها الاستكبارية... هذه ليست شرعية دولية بل دمية «باربي» مع الاعتذار لباربي!