يبقى السؤال المحيّر رغم كل ما يقوله هؤلاء الأرباب عن قرب انتهاء عمر الإرهاب والإرهابيين وعصرهم هو: إذا كان كل ما تقولونه صحيحاً، فمن ذا الذي يدفع بأسياد هذه الحروب على بلادنا، أن يسارعوا بخطوات الهروب والرحيل والجلاء؟عندما تهدد مجموعة من «الطلبة المتمردين الإرهابيين» المتحصنين في المسجد الأحمر والمدرسة الملحقة به، الأمن القومي لدولة نووية يفترض أنها مدعومة من أكبر قوة دولية نووية أيضا، وتجعلهما عاجزتين عن الحركة واتخاذ القرار المناسب لحفظ ما تبقى من هيبة تلك الدولة النووية التي يتفاخر زعيمها بأنه الرقم الأصعب في الحرب العالمية ضد الإرهاب!
وعندما تهدد «بقايا» (القاعدة) و(الطالبان) الذين بدأت الحرب العالمية ضد الإرهاب -كما يفترض- على خلفية ضرورة هزيمتهم في عقر دارهم قبل أن يتحولوا إلى خطر داهم على الأمن الدولي، بعد أن هددوا الأمن القومي لأكبر دولة عظمى في عقر دارها، الأمن «القومي» لحلف الأطلسي برمته بعد أن تعاظم نفوذ جماعاتها ليشمل القسم الأعظم من افغانستان بما فيها دوائر من العاصمة كابل!
وعندما تهدد مجموعة من «المتطرفين والإرهابيين والمنبوذين في محيطهم»، كما يفترض، والذين اختطفوا قضية مقدسة وديناً مقدساً -كما يصنفون- انطلاقا من مربع أمني صغير، الأمن القومي للدولة اللبنانية المتمثل في جيشها الوطني والحكومة التي يفترض أنها مدعومة، بصورة غير مسبوقة على الإطلاق، من قبل المجتمع الدولي وعلى رأسه الدولة العظمى الأهم في العالم، ويدخلون كل القضايا المقدسة وغير المقدسة في تلك البلاد تحت «سقف أو ظلال» رعونتهم لتصبح كل المبادرات مشلولة ورهينة على بوابة تلك الجماعة!
وعندما تهدد مجموعة من «المسلحين المتمردين والطارئين على أصحاب الأرض وأهل البلد» -كما يوصفون- الدولة العظمى الأهم والأكبر والأقوى والأخطر في تاريخ الإمبراطوريات الى الدرجة التي تجعل قضيتها التحريرية والإنقاذية المعلنة «خاسرة»، وأنه قد حان «طريق العودة»، كما تقول «نيويورك تايمز»، وتصبح استراتيجيتها في حكم «المنهارة»، كما يقول آخر الملتحقين من الجمهوريين الملتصقين بسياسات بوش العراقية بمعسكر المطالبين بالإذعان لخطة «الانسحاب المشرّف» قبل فوات الأوان!
وعندما يكون على رأس المجموعة التي أشاعت الرعب والهلع في بريطانيا أخيرا «طبيب عراقي»، كما ورد في الأخبار على خلفية انتمائه الى طيف يفترض أن يكون «إرهابياً قاعدياً»، أو ما شابه!
وعندما تنتشر النار في كل بيت من بيوت العرب والمسلمين وتتمزق عوائلنا، كل عوائلنا، على امتداد أوطاننا وأقطارنا التي صارت أشلاء متناثرة من أعالي جبال الأطلسي غرباً إلى أقاصي أرخبيل إندونيسيا وحدود الصين على خلفية حرب «أهلية فكرية وأمنية واستخباراتية ومذهبية وطائفية وعرقية وعنصرية طاحنة»، ومع ذلك كله يصر أرباب السلطات العاجزة والمنخورة من الداخل والموغلة في تمجيد الذات على حساب كل من وما تبقى من أشلاء أوطان وأقطار وأمصار: «بأن الأمور بخير، وأننا نسجل الانتصار تلو الانتصار على الإرهابيين من أعداء الحرية والديموقراطية والسيادة والاستقلال»! وأنهم على وشك القضاء على آخر بؤرة من بؤر الإرهاب العالمي! فان ذلك لابد وأن يكون من علامات الساعة التي نغفل ملامحها ونجهل!
يبقى السؤال المحيّر رغم كل ما يقوله هؤلاء الأرباب عن قرب انتهاء عمر الإرهاب والإرهابيين وعصرهم هو: إذا كان كل ما تقولونه صحيحاً، فمن ذا الذي يدفع بأسياد هذه الحروب على بلادنا، وهم المتحمسون جداً جداً لدعمكم وإسنادكم حتى الرمق الأخير، أن يسارعوا بخطوات الهروب والرحيل والجلاء ولسان حالهم جميعا لقد حان «موعد العودة» وعدم التأخر «ولو ليوم واحد إضافي في مهمة خاسرة وفاشلة بدأناها دون مبرر قانوني ومنطقي ومن دون تشاور مع الآخرين ويجب أن نختمها قبل فوات الأوان»، كما تؤكد «نيويورك تايمز» الأميركية قبل أيام؟!
ترى هل اقتربت ساعة إسلام أباد وكابل وبيروت وبغداد من ساعة سايغون أم اقتربت الساعة بانتظار أن ينشق القمر وتخسف الأرض بمن عليها بفضل عنادكم العتيد؟!
سؤال لن تتأخر الإجابة عنه أبعد من ساعة الخريف!
أمين عام منتدى الحوار العربي الإيراني