مشروع حشد عن البدون هل هو خيبة أمل جديدة؟!
على أبناء البدون اليوم، وبعدما قامت «حشد» مشكورة بإعلان نيتها تقديم مشروع القانون بشأن قضيتهم، أن يشكلوا فرقاً تقوم بزيارات متواصلة إلى النواب لحثهم على دعم المشروع، وبالأخص أولئك النواب الذين أعلنوا دائماً تبنيهم للقضية من دون نشاط حقيقي يذكر.
مشروع القانون، الذي أعلنت كتلة العمل الشعبي (حشد) النية لتقديمه بصفة الاستعجال في دور الانعقاد البرلماني الحالي، هو سحابة جديدة ظهرت في سماء البدون بعدما أجدبت أرضهم، وجفت لسنوات ثقيلة طويلة، لكن كثيراً من البدون ينظرون اليوم إلى هذا المشروع إما بقلق وإما بعدم اهتمام، وذلك لأنهم شاهدوا مشاريع ومقترحات كثيرة تمر في سمائهم وترحل من دون أن تغيثهم بقطرة واحدة.ليس هناك من قضية جرى استغلالها وحلبها انتخابياً مثلما استُغلت وحُلبت قضية البدون، عشرات من مرشحي الأمس ونواب اليوم لعلعوا بأصواتهم في الندوات والتظاهرات، ولوحوا بأياديهم وأرغوا وأزبدوا، وأقسم بعضهم بأغلظ الأيمان بأنه لن تغمض له عين، ولن يرتاح له بال حتى تُحل القضية، وها هي الأيام والشهور والسنوات مرت كأنصال السكاكين لتروح تلك الأصوات الهادرة في طيات الزمن، وتذهب الوعود والأيمان أدراج الرياح!إن البدون ليسوا في حاجة الى خيبة أمل جديدة، وأقسى الخيبات تلك التي يسبقها ارتفاع الأمل إلى عنان السماء، ثم سقوطه من شاهق، لذلك فالقلق كل القلق من أن ينتهي مشروع القانون هذا بخيبة أمل قاسية جديدة للبدون. مشروع القانون لا يزال محض خبر وتصريح تناقلته الصحف، وحتى لو جرى تقديمه في الغد، فإنه سيكون مجرد مشروع قانون آخر، وما أكثر مشاريع القوانين التي قدمت في مجلس الأمة، وانتهت إلى لا شيء على أرض الواقع.إنني أحمل الكثير من التقدير والإجلال لهذه الخطوة السديدة التي أقدمت عليها «حشد»، في حين أحجمت عنها وتلكأت بقية الكتل والتيارات السياسية طوال عمر القضية، وبالأخص الكتلة الإسلامية التي كان يفترض بها أن تكون المبادرة إلى هذا منذ زمن طويل، إن تقديم هذا المشروع اليوم وعرضه للتصويت في البرلمان سيكشف لنا من الصادق ومن الكاذب من النواب، ومن يقف منهم مع الحقوق الإنسانية للبدون ومن يقف ضدها.لكنني وإن كنت أقول هذا، فإنني أيضا أقول إن العبرة ليست في مجرد تقديم مشروع القانون، بل في الخطوات التي تعقب ذلك، فأي مشروع قانون لن يكتب له النجاح إلا إذا قام مقدموه بخدمته عبر حشد الأصوات النيابية الكافية لتمريره في جلسة التصويت، وهذا الحشد لن يحدث إلا من خلال سلسلة من الأنشطة الشعبية الرامية إلى تشكيل جبهة ضغط على النواب، وكذلك من خلال القيام بعملية اتصالات مدروسة على النواب لضمان تصويتهم مع المشروع.هذه الأجزاء الثلاثة، وأعني تقديم المشروع، والحشد الشعبي الضاغط، والاتصال بالنواب، هي ضرورات مرتبطة لابد من القيام بها لضمان إنجاح المشروع، وإلا سينتهي حبراً على ورق، وسنعرف حينها أنه لم يكن سوى ذراً للرماد في العيون، وتسجيلا لنقطة سياسية لا أكثر.على أبناء البدون اليوم، وبعدما قامت «حشد» مشكورة بإعلان نيتها تقديم مشروع القانون هذا، أن يشكلوا فرقاً تقوم بزيارات متواصلة إلى النواب لحثهم على دعم المشروع، وبالأخص أولئك النواب الذين أعلنوا دائماً عن تبنيهم للقضية من دون نشاط حقيقي يذكر، ولا أظنه يصعب على البدون حشد ألف أو ألفين أو حتى ثلاثة من الشباب لخدمة هذا الموضوع في هذه الأيام.كلي رجاء أن يقدر الله الخير على يد «حشد»، وأن يخدموا مشروع قانونهم بشكل صادق وسليم، فتمطر السحابة هذه المرة!