أتوقع من الجمعيات الكويتية التي تأسست منذ انتخابات 2006، وأخرى تم الإعلان عنها أخيراًَ أن تنادي بمبدأ الرقابة الدولية على الانتخابات المحلية في كل مرة، وأن تكون أقل حساسية في مسألة التدخل في الشؤون المحلية، فهو موضوع غير قابل للهضم.أول العمود: أنا على يقين بأن الانتخابات الحالية لو قُدّر لها أن تجري على نظام الدائرة الواحدة، لكانت بعض القوى السياسية اليوم تطالب بشيء آخر!
***
طُرِح موضوع الرقابة الدولية على الانتخابات الكويتية في الصحافة المحلية بشكل أكثر كثافة في انتخابات 2006، من الانتخابات الحالية، وكان الاتجاه البارز في الطرح هو رفض الرقابة الدولية، وربطها غير المنطقي بالتدخل في الشؤون الداخلية.
وفي هذا الشأن يجب توضيح عدد من النقاط، فأولا ليس لنشاط المراقبة أي صلة بمسألة التدخل في سيادة الدول، وإن كانت كلمة رقابة فيها شيء من الحساسية، فإن العمل الرقابي هو في الأساس عمل متابعة لمجريات الانتخابات في أي بلد، ينتهى بكتابة تقرير ينشر على الملأ. وهذا النشاط (المتابعة) يتم رغما عنا، سواء كانت الجهات المعنية في المراقبة داخل البلد أو خارجه وذلك للتسهيلات الكبيرة التي توفرها العولمة، وخير مثال يذكر هنا هو التقارير الدولية التي تصدرها منظمات حقوق الإنسان عن الدول بشكل سنوي من دون أن يكون لها حضور فعلي على الأرض.
ثانيا فإن كلمة «دولية»، ربما تشي بأن الموضوع ذي صلة ببعثات تابعة للأمم المتحدة، وهو أمر غير دقيق في كليته. فصحيح أن هناك رقابة على الانتخابات تقوم بها الأمم المتحدة، لكن ذلك يتطلب سلوك طريقين: إما أن تطلب الدولة المعونة الدولية لإجراء الانتخابات أو مراقبتها خصوصا في ظل ظروف عدم الاستقرار السياسي، أو أن تقوم المنظمة الدولية بموجب قرار دولي بإرساء دعائم الأمن والسلم الدوليين، والتي يأتي موضوع نزاهة الانتخابات عنوانا رئيسيا فيها كما حدث ذلك في انتخابات جنوب أفريقيا عام 1992 بعد سقوط نظام الفصل العنصري.
وبالنسبة لحالة الانتخابات الكويتية، فإن أيا من الاتجاهين السابقين ليس مطلوباً بسبب الظرف السياسي المستقر الذي تتمتع به دولة الكويت. نأتي إذن إلى مسألة الرقابة الدولية، أو لنقلْ متابعة الانتخابات من قبل جهات دولية أهلية. فالانتخابات الكويتية كما نرى لا يعيبها إشراك مؤسسات متخصصة بمراقبة الانتخابات، كمعهد واشنطن للديموقراطية، أو المعهد الوطني الديموقراطي للشؤون الدولية،أو مؤسسات أخرى كثيرة لمراقبة سير عملية الانتخابات المحلية، ولا يعد ذلك تدخلا في شؤون الدولة، بل نذهب إلى أكثر من ذلك بالقول إن على الحكومة الكويتية والجهات الأهلية والكتل السياسية واجب تسويق هذه التظاهرة الديموقراطية التي نردد دوما بأنها مفخرة في منطقة الخليج العربي. وما دمنا كحكومة وشعب نفخر بهذه التظاهرة السياسية فما المانع من متابعتها ومراقبتها دوليا.
شخصيا، أتوقع من الجمعيات الكويتية التي تأسست منذ انتخابات 2006، وأخرى تم الإعلان عنها أخيرا أن تنادي بمبدأ الرقابة الدولية على الانتخابات المحلية في كل مرة، وأن تكون أقل حساسية في مسألة التدخل في الشؤون المحلية، فهو موضوع غير قابل للهضم، خصوصا أن دولاً عربية أخرى قبلت مبدأ الرقابة، ولنا في تجربة البحرين والأردن وقطر وموريتانيا والسلطة الفلسطينية وقبولها بمبدأ الرقابة على انتخاباتها التشريعية خير مثال.