Ad

من هنا طربت وفرحت جداً لحد «الانشكاح» لخبر عزم وزارة التربية إعادة تقديم الوجبة الصحية الصباحية لتلاميذ المدارس الابتدائية الكاملة الدسم الوارمين بالشحوم واللحوم! الأمر الذي يشي بأن الوزارة وأهالي التلاميذ مكلفون بتربية العجول لا العقول! ذلك أن أطفال ألفوا واعتادوا بلع الوجبات السريعة المؤدية إلى السُّمنة المفرطة وما يتمخض عنها من أمراض.

* من أهم التحديات الصحية التي تجابه البلاد والعباد: السمنة المفرطة المفضية إلى مرض السكري و«الكولسترول» وضغط الدم... وما خفي أنكى وأسوأ. وبات معروفاً أن بلادنا تتربع في المراتب الأولى للنسبة العالية جدا لمرض السكري الذي تجده شائعا بين جل الأسر الكويتية... ولا فخر.

وفي هذا السياق شاع بين المواطنين «تشنيعة» مُرة تقول: إن مرض السكري من مقومات الإنسان الكويتي، ولا يعد كويتياً خالصاً صرفاً قحاً، ولا يستحق أن يكون كويتياً بالتأسيس إذا لم يُصب بالسكري في مرحلة من مراحل عمره! وإلى حين العقدين الأخيرين من عمر الكويت الزمني كان السكري محصوراً في «أهل قرية» البالغين الراشدين، لكنه اقتحم في السنوات الأخيرة فضاء الطفولة الكويتية، وأصبح يسكن أجسام أطفال المرحلة الدراسية الابتدائية والمتوسطة من الجنسين... ولله الحمد وقد بُحّ صوت الخبراء والقيّمين على رابطة مرضى السكري وغيرهما، من كثرة التحذيرات التي أطلقوها، ولكنها -للأسف الشديد- كانت كما الآذان في مالطة! أي لا حياة لمن تؤذن وتحذر وتنادي أو ما جدوى النصيحة بعد خراب البصرة... كما يقولون؟!

من هنا طربت وفرحت جداً لحد «الانشكاح» لخبر عزم وزارة التربية إعادة تقديم الوجبة الصحية الصباحية لتلاميذ المدارس الابتدائية الكاملة الدسم الوارمين بالشحوم واللحوم! الأمر الذي يشي بأن الوزارة وأهالي التلاميذ مكلفون بتربية العجول لا العقول! ذلك أن أطفال الوطن وصبيانه وشبابه لا يأكلون الوجبات الصحية المتوازنة التي تعد في منازلهم، كونهم ألفوا واعتادوا بلع وازدراء الوجبات السريعة النافية للعافية، المؤدية إلى السُّمنة المفرطة وما يتمخض عنها من أمراض. لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: كيف تقنع الوزارة التلاميذ بتناول الوجبة الصحية المنتظرة؟! ذلك أن أطفالنا مدمنون على تناول الحلويات والمشروبات الغازية، ولا يرضون لهما بديلاً! ويبدو لي أن الطفل الكويتي لم يجرب أبداً حاسة الجوع، وربما لا يشعر به البتة! لأن زاده وتموينه محشوان في جيوبه العامرة دوماً بالبطاطا المقلية وغيرها من «الخفايف» التي يطعمونها في كل حين!

* والوزارة تعلم ولا شك أن التلاميذ أعداء لدودين للفواكه والخضروات والمشروبات الصحية، ربما لأن تناولها ليس من عاداتنا وتقاليدنا الغذائية، وهو من شأن إخواننا «الشوام» من بني «تبوله وفتوش» وغيرهما من لذائذ المطبخ اللبناني والسوري والفلسطيني، فكيف، والأمر كذلك، تقنع إدارة المدرسة التلاميذ بتناول هذه الوجبة المرفوضة مسبقا بإصرار لا يلين؟!.

هل ستقوم الإدارة «بتزغيط» البنين والبنات ودس الطعام الصحي في أفواههم، أم أنها ستضطر إلى استخدام حقنة فموية (لا تحتية) يمر فيها طعام التربية هنيئاً مريئاً؟! إن إصدار القرار الصحي الساعي إلى احتواء السُّمنة المفرطة وأمراضها يستأهل التثمين والإشادة، إلا أن مسألة تنفيذه محفوفة بعقبات كأداء جمة يصعب تجاوزها... إن لم أقل «يستحيل» ذلك، اللهم إلا إذا كانت الوزارة غير معنية بإهدار وقت الدراسة، ولا تحفل بضياغ ملايينها سدى ومن دون جدوى! ففي اليوم الذي ستقدم فيه وجبتها الخالية من «كتشب» وغيره، ستُفاجأ بموقف جماعي حرون لا يريم! دلالة على الرفض التام لها قد يقضم منها قضمة بدرجة «نتفة» لذر الرماد في عيون المعلمين، ومن هنا تجد الواحد منهم يتابع، ولسان حاله يقول لمعالي وزير التربية: أكرمكم الله... وعسى بيتكم عامر! نعم إن بلية السمنة المفرطة المعششة في قوام أحفادنا وأولادنا، تحسم من رصيدنا في التنمية البشرية بداهة! فضلا عن أن إصلاح ما أفسده الدّلال، وإيكال أمر إطعام وتربية البنين والبنات إلى الأمهات بالوكالة، القادمات من بلاد تركب الأفيال وتأكل لحم الكلاب، يبدو أنه خيار وطني شعبي محسوم لا سبيل إلى النكوص والتخلي عنه! ولذا أجد أن مهمة التصدي لمكافحة العادات الضارة في المأكل والمشرب تتجاوز وزارة التربية وتستوجب احتشاداً تاماً من قبل الجهات المعنية كافة. بادى ذي بدء يجدر بوزارة التربية تجيير الميزانية المخصصة للوجبة الصحية لحساب حملة وطنية طويلة المدى تستهدف توعية التلاميذ وأولياء أمورهم بمضار السمنة المفرطة، وأخطار الوجبات السريعة، والعادات السيئة غير الصحية التي تجعل الطفل الكويتي «أكرش» يتدحرج على الأرض مترنحاً كالبطريق مع الاعتذار الشديد للبطريق طبعاً.