وجهة نظر : هل يتوقف تعديل عقود النفط عند بوابة المرحلة العليا ؟
لم يكن إعلان شركة نفط الكويت عن تعديل نماذج التعاقد مع الشركات العالمية، وطرح نماذج جديدة تتناسب مع التحولات الجارية في صناعة النفط على المستوى الدولي مفاجئاً، بل ربما كان متأخرا. خصوصا أن النماذج التقليدية كانت قد تسببت في خسارة الشركة بسبب تعطيل وعرقلة عمليات تنفيذ العديد من مشروعاتها، سواء منها الاستراتيجية الرئيسية أو تلك الروتينية المتكررة. لقد كان ضروريا أن تعدل نماذج هذه العقود منذ زمن، بما يضمن استقطاب ومشاركة عدد أكبر من الشركات الأجنبية في مناقصات المشروعات المحلية في قطاع الاستخراج والإنتاج والتطوير، وتوفير بيئة استثمارية أفضل تساعد على تشجيع الشركات الفائزة في المناقصات على الاهتمام باستخدام أفضل الطرق والتقنيات المتاحة لديها، وتحقيق معدلات أداء أفضل وإنتاجية أعلى.لقد سبقت الكويت عدة بلدان منتجة ومصدرة للنفط في تعديل أنظمة تعاقداتها في القطاع النفطي في غضون الأعوام الثلاثة الماضية، وذلك بهدف تحسين قدرتها على استقطاب الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة، وتحقيق المرونة اللازمة في عمليات ترسية وإبرام العقود وإعادة توزيع العوائد المحققة والمخاطر المحتملة بين الشركة الوطنية والشركات الأجنبية المتعاقدة.
إن أنظمة العقود المعمول بها قبل هذا التعديل تقضي بأن تسلم الشركات الأجنبية الحقول المطورة إلى الدولة ممثلة في شركتها الوطنية، مقابل عوائد ثابتة تحصل عليها من ناتج تلك الحقول سنوات محددة، وبما يضمن سداد مصروفاتها وتحقيق هامش من الأرباح. وفي ظل هذا العائد الثابت ينعدم الحافز لدى الشركة الأجنبية في المساهمة في تعزيز القدرة الإنتاجية للحقول بعد مرحلة التطوير الأولى لها بما يعود بالضرر على الدولة المنتجة. كما لا تمكن العقود التقليدية الشريك الأجنبي من تقدير حجم المخاطرة الناجمة عن احتمال ارتفاع التكاليف الرأسمالية أو التشغيلية بعد إبرام العقد، بينما تحد التعديلات الجديدة من هذا النوع من المخاطر، إذ تضمن تعويض المقاول الأجنبي عن كل الأجزاء المنفذة فعلا من العقد أو التعويض على أساس التكلفة الفعلية.ولاشك في أن شركات القطاع النفطي الأخرى مثل شركة البترول الوطنية وشركة صناعة البتروكيماويات بحاجة إلى خطوات مماثلة للخطوة التي قامت بها شركة نفط الكويت، من أجل تطوير نماذج تعاقداتها لضمان تحفيز ومشاركة الخبرات الأجنبية في مشروعاتها، ولا أرى ما يحول دون أن يكون قرار تطوير نماذج التعاقدات عاما وصادرا عن مؤسسة البترول الكويتية، وليس شركة نفط الكويت لضمان معالجة الخلل في جميع نماذج التعاقدات الأخرى التي لم تعد تتناسب مع لغة الاقتصاد العالمي المعاصر.وما دامت خطوة شركة نفط الكويت قد وصفت بأنها جزء من برنامج الشركة للتغيير، الذي كانت قد أطلقته بهدف تطوير برنامج الإنفاق الرأسمالي تنفيذاً لاستراتيجية 2020، فان استراتيجية التطوير ذاتها إنما هي استراتيجية لكل الصناعة النفطية في الكويت، ولا يوجد ما يبرر توقف تعديل النماذج عند بوابة المرحلة العليا من هذه الصناعة.