مؤتمر الشرذمة الفلسطينية!!

نشر في 22-01-2008
آخر تحديث 22-01-2008 | 00:00
 صالح القلاب

إن المؤتمر وإن كان عنوانه التمسك بثوابت الفلسطينيين وإعادة توحيد الصفوف الفلسطينية فإن هدفه في حقيقة الأمر هو الانتصار لحركة «حماس» ضد حركة «فتح» وبالتالي الانتصار لدولة غزة ضد دولة رام الله، ولن تكون فيه هناك قرارات مفاجئة.

المفترض أن مؤتمر منظمات «الرفض» الفلسطينية الذي سينعقد غداً في دمشق، قد انعقد عشية مؤتمر «أنابوليس» المعروف، فالهدف كان ولايزال إظهار أن محمود عباس «أبو مازن» ومعه سلطته ومنظمته، منظمة التحرير، وحركته، حركة «فتح» لا يمثلون الشعب الفلسطيني، وأن هناك قوى وتنظيمات لها رأيها المخالف لرأي هؤلاء لا توافق على استئناف عملية السلام وترفض أي حلٍّ لا تريده.

لم يتم انعقاد هذا المؤتمر الذي سينعقد غداً في دمشق عشية انعقاد مؤتمر «أنابوليس» لأن سورية غيرت رأيها وقررت حضور هذا المؤتمر الثاني، ولأنها في الأساس ضد مساعي إيجاد منظمة بديلة لمنظمة التحرير الحالية ولأنها كانت قد بدأت مساعي تصحيح علاقاتها المشروخة مع بعض الدول العربية لأسباب كثيرة معروفة لا داعي لذكرها في هذا المجال.

ولذلك ولأن مواقف سورية المستجدة قد أحبطت مؤتمر «الرفض» الفلسطيني السابق، الذي كان مقرراً عقده عشية انعقاد مؤتمر «أنابوليس» أو بالتزامن معه والذي تم إلغاؤه بعد توزيع رقاع دعواته والإعلان على لسان رئيس لجنته التحضيرية السيد طلال ناجي أن إيران ستتكفل بكل متطلباته المالية، فقد حاول الإيرانيون نقل هذا المؤتمر ليُعقد في طهران بدل دمشق لكن هذا لم يحصل للأسباب السورية الآنفة الذكر.

في تلك الفترة ظهر تعارض بين المواقف السورية والإيرانية حول قضايا الشرق الأوسط جرى تداركه لاحقاً، فطهران أساءها كثيراً أن السوريين قاموا بإلغاء مؤتمر الرفض الفلسطيني الأول الذي لم ينعقد من دون علمها، ورغم أن وزير خارجيتها منوشهر متقي كان في دمشق، وقد استاء الإيرانيون أيضاً من أن القيادة السورية قررت المشاركة في مؤتمر «أنابوليس» من دون علمهم، وأنها عندما أرادت تبرير هذه المشاركة لاحقاً أرسلت إليهم نائب وزير الخارجية السوري وليس وزير الخارجية نفسه.

وهكذا وبعد أن عادت المياه إلى ما كانت عليه بين الحليفين السوري والإيراني وزالت غمامة مؤتمر «أنابوليس» جرى الاتفاق على عقد هذا المؤتمر الذي سينعقد غداً في دمشق، وهو مؤتمر وإن كان عنوانه التمسك بثوابت الفلسطينيين وإعادة توحيد الصفوف الفلسطينية فإن هدفه في حقيقة الأمر هو الانتصار لحركة «حماس» ضد حركة «فتح» وبالتالي الانتصار لدولة غزة ضد دولة رام الله.

لن تكون هناك قرارات مفاجئة فالتاريخ الفلسطيني الطويل جداً كان قد شهد عشرات المؤتمرات التي تشبه هذا المؤتمر، الذي أقل ما يمكن أن يقال فيه هو أنه مؤتمر المزيد من الشرذمة الفلسطينية والمزيد من الانقسام الفلسطيني، فمسيرة النضال الفلسطيني منذ أن بدأت في عام 1965 هي مسيرة شقاق ونزاع متواصل وعلى حساب القضية المركزية والسبب هو التدخلات العربية وغير العربية الكثيرة.

لا فائدة يمكن انتظارها من هذا المؤتمر للقضية الفلسطينية على الإطلاق، فاللعبة هي اللعبة القديمة نفسها وما سيصدر وما سيتم التوصل إليه سيكون وفي أحسن الأحوال «كلام حق يراد به باطل» والمستفيدون في المحصلة سيكونون أصحاب المعادلة الإقليمية المعروفة التي أخذت في طريقها لبنان وجعلته ينتهي إلى هذه النهاية المحزنة!!

* كاتب وسياسي أردني

back to top