د. ندى الدعيج: مصادقة الكويت على نظام الجنائية الدولية تعزز مكانتها دولياً
بالرغم من عدم تصديق إيران، الإمارات والبحرين والسودان والكويت والمغرب واليمن وعمان على اتفاقية روما للمحكمة الجنائية فإن العدد الذي صدق عليها كفيل بإدخالها خيز التنفيذ.
قالت أستاذة القانون الدولي في كلية الحقوق - جامعة الكويت الدكتورة ندى الدعيج، إن اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية اعتمدت عام 1998، بتصديق عدد لا بأس به من الدول يكفل إدخالها حيز التنفيذ، مثل المملكة الأردنية الهاشمية وأفغانستان، وقد وقع عدد آخر من الدول التي لم تتم إجراءات التصديق بعد، مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية السودان ودولة الكويت والمملكة المغربية وجمهورية اليمن وسلطنة عمان، ولكل منها مبرراته في هذا التأخير.وأشارت إلى أن امتناع دولة الكويت عن التصديق على القانون الدولي لا يحتاج إلى تبرير، حيث إن الانضمام إلى أي اتفاقية هو أمر من صميم الاختصاص الداخلي للدولة، إلا أن الدول التي توقع على هذا النوع من الاتفاقيات الدولية ذات الاختصاصات الرقابية والعقابية، إنما تضمن حقوق مواطنيها وتكفل حمايتهم احتياطاً، فيما لو فشل النظام الوطني في القيام بما يجب القيام به، فقد سبق للعديد من الدول، ومنها دولة الكويت، أن امتنعت عن التوقيع على البروتوكول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1976والخاص بتلقي الشكاوى والتبليغات، درءاً لأي محاولة دولية في منازعة السلطات الوطنية في اختصاصها الخاص بحماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة، مؤكدة على أنه اعتقاد خطأ، حيث إن اختصاص القانون الدولي وأجهزته هو اختصاص احتياطي، لا يملك التدخل في شؤون الدولة أو الحلول محلها، ما لم تفشل المؤسسات الوطنية في القيام بواجباتها، وهو أمر حميد من شأنه حث هذه المؤسسات الوطنية على إعمال العدالة وعدم تجاهلها. وأضافت إن مثل هذا الامتناع لم يحل دون إعلان المحكمة الجنائية الدولية انعقاد الاختصاص لها بشأن محاكمة المسؤولين الحكوميين السودانيين في دارفور، على الرغم من عدم توقيع السودان على هذه الاتفاقية، لأن تحقيق العدالة في الجرائم الدولية الخطيرة أصبح من قواعد النظام العام التي لا تحتاج إلى موافقة الدولة، والتي تدخل في صميم اختصاص مجلس الأمن الدولي، وقد لوح البعض بالدستور الكويتي كذريعة لتبرير الامتناع عن توقيع اتفاقية روما، بحجة تعارض نشأة المحكمة واختصاصها مع الدستور الكويتي، خاصة فيما يتعلق بتسليم المتهمين الكويتيين إلى عدالة المحكمة، والذي يعتبر إبعاداً يتعارض ونص المادة (28) من الدستور الكويتي، التي تنص على أنه «لا يجوز إبعاد كويتي عن الكويت أو منعه من العودة إليها». ولفتت د. الدعيج الى أن المواطن الكويتي الذي يتهم بارتكاب جرائم دولية خطيرة في الدستور لا يستحق جنسيتها، إذ إنه أساء إلى سمعتها ومكانتها الدولية، وقد درجت الجهات المعنية في الدولة، في وقت من الأوقات وفقاً لنص المادة (27) من الدستور، على سحب الجنسية أو إسقاطها بحسب الأحوال، للعمل على الالتفاف على النص الدستور القائل بعدم جواز إبعاد كويتي عن الكويت أو منعه من العودة إليها، بغية التخلص من بعض أقطاب المعارضة المسببة للصداع الحكومي. ورأت أن استخدام القانون وفقاً للمادة (27) من الدستور لتحقيق العدالة بشأن جريمة دولية خطيرة، فشل القضاء الوطني في جبر كسرها لعدم قدرته أو عدم رغبته في هذا الجبر، أولى وأعظم.كما أن الدستور الكويتي أشار في المادة (175) منه إلى جواز تعديل الدستور الكويتي، إلا استثناءً ولمنح المزيد من ضمانات الحرية والمساواة، مؤكدة أن الجميع يتفق على أن تسليم الجناة ممن ارتكبوا جرائم خطيرة بهدف تحقيق العدالة وإرضاء ضحايا هذه الجرائم وأقربائهم، هو ضرب من ضروب ضمانات الحرية والمساواة، أما التستر على الجناة الدوليين وحمايتهم تحت مظلة النظام الوطني، حتى لو كانوا من أبناء الوطن، إنما هو اشتراك لاحق في الجريمة يعاقب عليه القانونان الوطني والدولي.وأكدت على أن امتناع دول مثل الولايات المتحدة عن التصديق على الاتفاقية، بسبب تكرار وتعاظم ما يرتكبه جنودها من جرائم دولية تدخل في إطار اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، هو السبب وراء امتناع كل دولة عن اللحاق بقطار هذه المحكمة، وتساءلت الدعيج في هذا الصدد «هل هناك جرائم ارتكبت أو ترتكب في دولة الكويت وتدخل في إطار اختصاص المحكمة؟».وأضافت إنه ليس من شأن امتناع الكويت عن التصديق على الاتفاقية الخاصة بنظام روما، أن يرتب أي أثر قانوني حقيقي في حجب الاختصاص الوطني عن المحكمة الجنائية الدولية، وأسوة بالسودان لن تتردد المحكمة في تلبية طلب مجلس الأمن الدولي، فيما لو وجد هذا الطلب بشأن محاكمة أي مجرم حرب كويتي، وكل ما تملكه الكويت وفقاً لهذا الامتناع أن تمتنع عن مد يد العون للمحكمة في تمام تحقيقها لأهدافها. وقالت إن الحائل الحقيقي الوحيد الذي يمكن أن يحجب عن المحكمة ممارسة أي اختصاص قضائي على أراضي دولة الكويت، هو تحقيق إبداء الرغبة الحقيقية وإردافها بما يبرهن على قدرة النظام القضائي الكويتي في تحقيق العدالة الجنائية، لأن اختصاص المحكمة احتياطي لا مكان له إلا في حال فشل النظام القضائي الوطني.ودعت الدعيج دولة الكويت إلى التصديق على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الذي سيرفع من مكانة الكويت عالمياً.