«التركيز على هيبة رجل الأمن... وإشراك المواطن والمقيم في المنظومة الأمنية... والارتقاء بعملية الضبط والربط العسكري... والاهتمام بمبادئ العلاقات الإنسانية داخل الجهاز الأمني».

Ad

كان ذلك جزءاً من حديث الفريق أحمد الرجيب في مؤتمر صحفي عند تسلمه مهماته كوكيل لوزارة الداخلية، وهي مؤسسة بحاجة إلى تطوير جذري لأعمالها وعلاج لكثير من المشكلات فيها. وإذا سلمنا أن شرط نجاح العلاج هو التشخيص الصحيح فأعتقد أن الرجيب وفّق في اختصار تحديات الوزارة في كلمته. ولنركز على فكرة هيبة الشرطة، ولكن قبل ذلك فلنتفكر في شخصية الشرطي الكويتي واقعياً.

برأيي هناك أربعة أنواع لشخصية الشرطي الكويتي، الأول يستمد هيبته من احترامه لذاته والناس والقانون، وهو النوع النادر الذي يتجرد من العواطف والروابط الاجتماعية عند تطبيق القانون، كما أنه منسجم مع ذاته فلا يخالف القانون، والأهم من ذلك يؤمن بأن تطبيق القانون على الجميع هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن. النوع الثاني يرى أن الهيبة تعني الفتوة وأن البدلة العسكرية هي تصريح لإهانة الناس بالقوة متجرداً من أي قيم إنسانية. الثالث يعتقد أن الأمن حق للكويتيين فقط أو لفئة منهم دون غيرها، فتجد ازدواجية في معايير تطبيق القانون والتعامل مع الناس، فيخاطب الكويتي بـ«ولا عليك أمر يا الغالي»، بينما يكون الوافد محظوظاً إن حظي بـ«رفسة» من دون «طراق» أو العكس. أما النوع الرابع فهو الشرطي غير المبالي الذي أصبح شرطياً للحصول على وظيفة وراتب مضمونين كل ما يتطلبانه هو الحضور وتنفيذ الأوامر.

ليس باستطاعة الشرطي أن يفرض هيبة القانون واحترامه على الناس وفي نفس الوقت يكون فاقداً للهيبة الشخصية واحترام الذات، وإن كانت تلك مخرجات «مصنع الرجال» كما كتب على إحدى اللوحات الكبيرة في أكاديمية الشرطة، فمن المنطقي أن يكون هناك خلل في عمليات المصنع، إذ يبدو أن هناك خلطاً بين مفهوم الضبط والربط العسكري من جهة، وتجريد الشرطي من إنسانيته داخل الأكاديمية. ولست غافلاً هنا عن أهمية التدريب على تحمل الضغط النفسي والجسدي، ولست أتحدث عن أمثلة وحالات نتوه بتفاصيلها، بل أتحدث عن الثقافة السائدة داخل الأكاديمية، والقيمة الإنسانية التي يخرج بها الطالب من الأكاديمية وكيف تنعكس على شخصيته في التعامل مع الناس خارج أسوار الأكاديمية. وللحديث بقية.

Dessert

إن كان هناك من هو أهل للحديث عن هيبة الشرطة والعمل على استعادتها فهو الفريق أحمد الرجيب لما سمعته عنه من جدية وانضباط وقيادية وهيبة، وتلك بداية جيدة تبعث على التفاؤل.