إيران فوبيا بين بازارية ساركوزي وجشع بوش!
إذا كان ساركوزي مخادعاً «بازارياً» يبحث عن مبررات لإنجاز صفقات الستين مليار دولار المعلنة... فإن بوش كان واضحاً وشفافاً عندما تجاهل الملف النووي الإيراني تماماً في جولة نهاية العهد التضليلية ودخل في صلب الموضوع مباشرة... بالقول إن إيران إنما تشكل الخطر الداهم لأنها تدعم حركات التحرر والمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان.
«بعد أربعين عاماً سينضب النفط، وبعد نحو قرن سينضب الغاز، والطاقة البديلة هي الطاقة النووية... ولهذه الأسباب أنا هنا أعرض أفضل ما عندنا من تكنولوجيا نووية...»!كان هذا الكلام حتى الأمس القريب نوعاً من «الهذيان» والخطاب الغوغائي والملغم بأهداف مشبوهة وغير المسؤول أمام حياة شعوب دول المنطقة والذي من الممكن أن يعرض حياتها إلى الخطر الداهم على غرار قضية تشرنوبل...! لأنه كان يصدر عن الجارة المسلمة إيران التي «تجرأت» على انتزاع هذه التكنولوجيا وتحصيلها بطريقة ذاتية ورغم أنف الدول الكبرى المحتكرة للطاقة النووية السلمية كما الحربية بالطبع!وقد كتبت عشرات المقالات التي تسخر من هذا الخطاب وهذا التبرير العلمي عندما كانت تقول به الجارة المسلمة والمسالمة إيران، وأحتفظ بملف كبير من هذا النوع من المقالات لدي ومعظمها للأسف الشديد بلسان عربي وبأقلام الجوار الإيراني، لا بل إن أحدهم ممن ينتسب بالفعل أو ينسب نفسه ادعاء إلى دائرة مستشاري إحدى العائلات الحاكمة في المنطقة ذهب إلى أبعد من ذلك عندما كتب بالحرف الواحد «إنه كما كان سعيداً بقصف مفاعل تموز العراقي فإنه سيكون أكثر سروراً بقصف مفاعل بوشهر الذري...!»أما وأنه يأتي اليوم على لسان السيد ساركوزي رئيس فرنسا والبائع الماهر المتجول لهذه التكنولوجيا «الخطيرة على البيئة...! وغير الضرورية أبداً للبلدان النفطية... لاسيما إذا كانت من النوع الإيراني...!» فإنها تصبح برداً وسلاماً...! ويفرش لصاحبها السجاد الأحمر وتفتح له الأسواق ويستحضر سوق عكاظ للتباري في كسب وده...! طبعاً، وحتى تكتمل نكهة الكذب والخداع والتضليل واللغط المتعمد والمقصود بين الطاقة النووية السلمية التي تسعى إليها الجارة المسلمة والمسالمة إيران ومزاعم أسلحة الدمار الشامل العراقية سابقاً والإيرانية الحالية! وحتى تمر صفقات التسلح المخبأة تحت عباءة التكنولوجيا النووية للبائع الفرنسي المتجول يضيف ساركوزي: «لقد قلنا لإيران أن تتخلى عن برنامج التسلح النووي وستحصلين على الطاقة النووية السلمية...!»حتى أولبرايت كانت أرحم من بعض المخدوعين من الجيران على إيران المسلمة... قبل أيام فقط كانت تقول لبوش: «إن آكل التمر لا يحق له منعه عن الآخرين...» فالدول الكبرى هذه تخزن آلاف القنابل النووية ومدللتها إسرائيل تملك المئات منها... ورغم ذلك كله تبقى إيران هي الخطر! وأي خطر؟! إنه الخطر الداهم على الأمن والسلم الدوليين...! لماذا؟! لأنها حصلت على المعرفة والتكنولوجيا النووية بآلية ذاتية وليس عبر قنوات الدول الكبرى المحتكرة لكل شيء.وإذا كان ساركوزي مخادعاً «بازاريا» يبحث عن مبررات لإنجاز صفقات الستين مليار دولار المعلنة... التي أراد تغليفها ببعض الكلام المعسول عن لبنان الذي يحن إلى أيام الهيمنة التي أطاح بها أصدقاؤه الأميركيون الذين أصبحوا سادة البحار والمضائق والخلجان، واليوم يقدمون له جزءاً من «الكعكة» الاستعمارية الشرق أوسطية لغاية في نفس يعقوب..! فإن بوش كان واضحاً وشفافاً عندما تجاهل الملف النووي الإيراني تماماً في جولة نهاية العهد التضليلية ودخل في صلب الموضوع مباشرة... بالقول إن إيران إنما تشكل الخطر الداهم لأنها تدعم حركات التحرر والمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان، و...و... وتشجعهم على التمرد على الجشع الأميركي الإمبراطوري اللامحدود.ها قد حانت ساعة الحقبقة إذن... لقد جاء دور عرض فيلم «الإيران فوبيا» بعد فيلم «الإسلام فوبيا» لتكتمل لوحة الخداع الأميركية الشاملة التي نأمل ألا تمر هذه المرة على جيران إيران المسلمة كما مرت على جيران العراق في الأمس! * الأمين العام لمنتدى الحوار العربي-الإيراني