Ad

تطورات الأحداث وتسارعها خلال اليومين الماضيين، كشفا بعض الحقائق على صعيد الساحة السياسية، أهمها سقوط قناع الإصلاح الذي يرتديه نواب التجمع السلفي، وازدواجية المعايير التي ينتهجونها في أدائهم البرلماني ومواقفهم السياسية، من خلال ربط عدم معارضتهم لتدوير الحميضي، بتدوير الشيخ سعود الناصر، وكأن الخطأ يبرر ارتكاب أخطاء أخرى.

منذ أن تم الإعلان عن التدوير الوزاري الأخير، كانت جميع الدلائل والمعطيات تشير إلى أن المواجهه والتأزيم قادمان لا محالة، بدءاً من «العصيان النيابي» الذي قاده نواب التكتل الشعبي في جلسة الافتتاح، وانتهاء بتصريحات رئيس مجلس الأمه لقناة «العربية» أمس، التي وجه فيها انتقادات غير مسبوقه لرئيس الحكومة.

اعتقد أن بعض الكتل والقوى السياسيه استشعرت هذه النتيجه بعد فترة قصيرة، فأصبح التمثيل والمشاركة في هذه الحكومة بالنسبة إليها بمنزلة «التهمة» أو كرة النار التي يقذفها كل طرف على الآخر، وهو الأمر الذي لوحظ بعد أن أخذت بوصلة الأحداث تشير إلى خانة التأزيم والتصعيد، وأن الأوضاع مرشحة لمزيد من التوتر الذي قد يصل إلى مرحلة «مفترق الطرق» لمسيرة المجلس أو الحكومة، ما يعني العودة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

ولأن المعلومات التي لديَّ تشير إلى أن «التحالف الوطني» لم يكن مشاركاً في الحكومة، كون موسى الصراف ومن ثم عبدالله الطويل قد قبلا المنصب الوزاري بصفتهما الشخصية من دون الرجوع إلى التحالف، فإنني كنت اتمنى أن يصدر من التحالف كتيار سياسي، لا كنواب، ما يؤكد هذا الأمر منذ أن تم الإعلان عن التشكيل الجديد، منعاً للجدل، برغم أن النائب السابق عبدالله النيباري قد تحدث في هذا الاتجاه وأسف لقبول الطويل المشاركة في الحكومة، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بمطالبته للحميضي بالاستقالة، فتصريح النيباري يمثل رأي «جماعة» وليس رأي مجموعة.

على كل، فإن تطورات الأحداث وتسارعها خلال اليومين الماضيين، كشفا بعض الحقائق على صعيد الساحة السياسية، أهمها سقوط قناع الإصلاح الذي يرتديه نواب التجمع السلفي، وازدواجية المعايير التي ينتهجونها في أدائهم البرلماني ومواقفهم السياسية، من خلال ربط عدم معارضتهم لتدوير الحميضي، بتدوير الشيخ سعود الناصر، وكأن الخطأ يبرر ارتكاب أخطاء أخرى.

كما اثبتت أزمة التغيير الوزاري، القدرة العجيبة لنواب التكتل الشعبي على قيادة العمل السياسي والنيابي داخل قاعة عبدالله السالم وخارجها، واستطاعتهم متى أرادوا، المزج بين أسلوب «التكتيك السياسي» وأسلوب «الصوت العالي» حسب ظروف وطبيعة كل مواجهة. ولعل صدور بيانات رفض لتدوير الحميضي، في وقت لاحق، من نواب لم يكونوا في الحسبة أصلاً، يُعد مؤشراً على نجاح تكتيك الشعبي.

ومن أهم ما كشفته أزمة التدوير الأخيرة، بالنسبة إليَّ، على الأقل، هو أن النواب محمد الصقر وعلي الراشد وفيصل الشايع كان يجب أن يكونوا أكثر تحرراً من موقف «التكتل الوطني» من التدوير والتغيير الحكومي الذي ألقى على كاهلهم، وكان عليهم خلق مساحة من المناورة لهم، يعبرون فيها عن موقف أكثر صراحة وحسماً من موقف مرزوق الغانم، الذي انتقد تدوير الشيخ صباح الخالد، وغض الطرف عن تدوير الحميضي، وكذلك من موقف مشاري العنجري الذي عبر عنه خلال نقطة النظام التي تحدث فيها في جلسة الافتتاح، فللمرة الاولى اقرأ في تعابير وجه «ابو فيصل» أنه يقول أشياء لم تكن تعبر عن قناعته.

* * *

آخر الأخبار تقول إن وزير النفط بدر الحميضي سيقدم استقالته من منصبه اليوم أو غداً، لكن السؤال المطروح: هل تنهي هذه الاستقالة الأزمة المزمنة التي تتعرض لها الحكومة والمجلس؟ لا أعتقد ذلك... فالاستقاله ليست سوى «بنادول سياسي»، لأن أزمتنا، أزمة ثقة مفقودة، وأزمة نفوس مشحونة، أزمة صراعات أجنحة وأقطاب بات الكل يعرف تفاصيلها بمن فيهم خدم وسائقو منازلنا!