هل ينتهي المسلسل المكسيكي؟!
مازالت الحكومة تتشكل على طريقة (القرقيعان) من دون أن يكون لها ظهر يحميها في المجلس، مما جعل وزراءها صيداً سهلاً للنواب والكتل المختلفة.
يستمر مسلسل الاستجوابات المكسيكي في شد المشاهدين وإثارة الرأي العام، لكن سؤال المهم للمشاهدين أمام الشاشة هو: متى وكيف ستنتهي حلقات هذا المسلسل؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال لا بد أن نذكر عددا من الملاحظات على استجواب وزيرة التربية والتعليم العالي.فمن ناحية مادة الاستجواب فهي بشكل عام لا تركز على المشاكل المهمة التي يعانيها التعليم في البلاد، فأبرز المحاور كانت قضية الاعتداء الجنسي على بعض الطلبة. ولا أريد هنا أن أقلل من أهمية هذه المشكلة، لكن هذه الظاهرة منتشرة في مدارسنا منذ سنين طويلة وبحاجة لمعالجة أخلاقية وثقافية تشمل المجتمع بأكمله، إضافة إلى حل مشكلة زيادة عدد العمال العزاب في البلد، وهو أمر تتحمله الحكومة ككل. ومن ناحية تردي التعليم فهو أيضا أمر بحاجة لسنين عدة لإصلاحه بعد الخراب الذي طاله لعقود من الزمن. لكن كل ذلك لا يعني أن الوزيرة إصلاحية، فهي كانت مسؤولة عن قطاع التعليم العام في الوزارة لسنوات طويلة ولم تستطع إصلاحه. هذا إضافة إلى عجز الوزيرة عن وقف الفساد المستشري في الجامعة وقطاع التعليم التطبيقي. ومع ذلك، سواء تم طرح الثقة بالوزيرة أو لم يتم فإن شيئاً لن يتغير سواء في قطاع التعليم أو في غيره، وسنخرج من استجواب لندخل في استجواب آخر دون فائدة لأن العملية السياسية برمتها مشلولة ووصلت إلى طريق مسدود لأننا مازلنا نتبع معادلة قديمة في عصر جديد وجيل مختلف عن جيل الماضي. فمازالت الحكومة تتشكل على طريقة (القرقيعان) من دون أن يكون لها ظهر يحميها في المجلس، مما جعل وزراءها صيداً سهلاً للنواب والكتل المختلفة. ومجلس الأمة الحالي لا يزال يعاني إفرازات نظام الـ25 دائرة المقبور، فنرى استعراضاً من هذا النائب وضحكاً على الذقون من ذاك النائب، وكأننا في حلبة صراع للديكة وعامة الناس يشجعون هذا الديك ضد ذاك. ومازال العديد من النواب- حتى بعض المنتمين لكتل نيابية- يغردون لوحدهم لأن أساس الانتخاب مازال مبنياً على اختيار فردي وليس جماعياً، ولن يحل هذا الوضع غير تنظيم الأحزاب واعتماد الدائرة الواحدة بنظام النسبية. لقد قلناها مرات عدة من قبل وسنكررها مرة أخرى: نحن بحاجة لمعادلة جديدة تحكم العمل السياسي تضع في اعتبارها التغير والتطور الذي حصل في الحياة السياسية في البلد-خصوصاً بالنسبة إلى فئة الشباب- وإلا فالتأزيم سيستمر من الجانبين وسيظل الشلل السياسي سائداً حتى لو تغيرت جميع الشخصيات السياسية البارزة على الساحة، أي بعبارة أخرى لن ينتهي المسلسل المكسيكي وسنظل ندور في هذه الدوامة.********شريط الأخبار لتلفزيون الكويت في يوم الاستجواب نقل تصريحات الوزيرة والنواب الثلاثة المؤيدين لها فقط، وكأن النائب المستجوب والثلاثة المؤيدين له يتحدثون يابانياً. هذا دليل آخر على فشل هذا التلفزيون الذي لا يزال يعيش في عصر الاحتكار في الماضي من دون مئات الفضائيات الأخرى والصحف المختلفة التي تنقل كامل الحدث. حقيقة لا يلام أغلبية المواطنين عندما يقاطعون هذا التلفزيون الدقيانوسي، ويبدو أن هذا الملف يستحق أن يكون مادة لاستجواب وزير الإعلام.