Ad

يعطي القطاع المصرفي مثالاً على تفوق القطاع المالي، فأفضل بنوك الشرق الأوسط موجودة في الكويت، ويعمل القطاع على تغطية احتياجات عملائه على مستوى العالم، ويحقق عائداً اقتصادياً، إلى جانب ما يضيفه من تحويل شعار تنويع مصادر الدخل إلى واقع.

تبحث الكويت منذ 60 عاما عن إستراتيجية بديلة لحالة الاعتماد شبه الكلي على النفط، ولم توفق حتى الآن، فما زال الاعتماد كلياً على النفط، ومازال الإصلاح مجرد شعار. وأحدث أمنيات الحكومة هي تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، ولأن الوقت لا يسمح بالتجربة والخطأ مع تحقيق لاشيء، يبقى السؤال الأهم، هل يمكن تحويل هذا الشعار إلى واقع؟

الشواهد توحي بأن ذلك في حدود الممكن، فإلى جانب حاجة الخدمات التجارية إلى قطاع مالي متقدم، تحتل الكويت المركز الأول ضمن محيطها في تقديم أفضل الخدمات المالية وأكثرها تطوراً، والقطاع الخاص يمثل الريادة في أن تتبوأ هذا المركز، وهو ما يتفق مع الحاجة إلى إعادة هيكلة الاقتصاد بخفض الاعتماد على القطاع العام، حيث يساهم القطاع المالي بنسبة %19 من حجم الناتج المحلي الإجمالي عام 2006، ويتضمن كلا من المصارف وشركات الاستثمار والتأمين، ولكن تبقى المصارف هي المكون الأهم في نشاط القطاع المالي.

ويعطي القطاع المصرفي مثالاً على تفوق القطاع المالي، فأفضل بنوك الشرق الأوسط موجودة في الكويت، ويعمل القطاع على تغطية احتياجات عملائه على مستوى العالم، ويحقق عائداً اقتصادياً إلى جانب ما يضيفه من تحويل شعار تنويع مصادر الدخل إلى واقع، حيث يوفر فرص عمل للمواطنين بما يضعه الثاني في توفير فرص العمل بعد القطاع العام، ويؤدي عمله في سوق شديد التنافس بما يعنيه ذلك من ضرورة ارتفاع إنتاجية عامليه.

ولأن التوظيف في قطاع المصارف يخضع لمعايير اقتصادية وليست عاطفية، وتلازم المكافأة بالإنتاجية، فقد كان لتزايد عدد العمالة الوطنية الأثر الايجابي في معدلات الربحية، ويعتبر من أكثر أنشطة القطاع الخاص توظيفا للعمالة الوطنية، حيث ساهم في السنوات الثلاث المنصرمة في توفير نحو 608 وظائف كل سنة ما بين نهاية عام 2003 ونهاية عام 2006، تمثل ما نسبته 3.6% سنوياً من عدد الكويتيين القادمين إلى سوق العمل المقدر عددهم بنحو 17 ألف باحث عن عمل سنوياً. وعلى الرغم من أن قطاع المصارف يعمل على أسس تجارية، تسعى إلى زيادة قدرته التنافسية من خلال خفض التكاليف، وطلب أقصى الممكن من العاملين فيه، إلا أن إنتاجية العامل قد ارتفعت إذا حسبت طبقاً لنصيبه من حجم الأصول من 2.88 مليون دينار كويتي لكل عامل في 2003 إلى 3.26 ملايين دينار لكل عامل في 2006، وارتفع نصيبه من صافي الربح من 111 ألف دينار إلى 172 ألفا للفترة نفسها.

والمعلوم أن العمالة المواطنة بحكم القانون لا بد وأن تكون على الأقل % 50 من إجمالي العمالة في المصارف، ولكن نسبتها الحقيقية إلى العمالة الفاعلة والمنتجة أعلى من ذلك، إذا استثنينا عمالة المصارف الهامشية التي يشغلها غير الكويتيين، ولو أضفنا شركات الاستثمار، لزادت فاعلية وعائد هذا القطاع.

ولأن ثلثي الاقتصاد العالمي خدمات، ولأن الكويت بلد لا بد أن تبحث عن كل ما تملك فيه من ميزة نسبية من الفوائض المالية واكتمال البني التحتية وموقعها الجغرافي، يمكن أن نقول إن خيارها صحيح لو أحسنت التعامل مع عنصر الوقت، وأعطت الإدارة العامة ما تستحق من اهتمام باختيار الأكفأ المتوافر. والمقالة لا تعني أكثر من تسويق قناعة بأننا نحتاج إلى أكثر من التمني لحل ما يمكن أن يصبح أكبر مشكلاتنا.