Ad

اليوم الثلاثاء، من المفترض أن يجتمع مجلس النواب اللبناني لينتخب رئيس الجمهورية اللبنانية الجديد العتيد، والواضح أن هذا اليوم «لن يمر على خير» فرقعة الخلافات بين اللبنانيين اتسعت بعد اغتيال النائب الكتائبي العضو الفعال في تيار (الرابع عشر من آذار) أنطوان غانم. فاليوم سيكون محطة رئيسة على الطريق إلى مستقبل هذا البلد الذي هو بمنزلة نفق مظلم لا ضوء على الإطلاق في نهايته.

إنه كلام قديم ففي عقد سبعينيات القرن الماضي عندما اشتعلت الحرب الأهلية اللبنانية قيل في إطار ما قيل إن المنطقة مقبلة على انهيار دول في هذه المنطقة، وأن التشظي والتشرذم والانقسام سيكون عنوان المرحلة المقبلة، أي هذه المرحلة، وأن هناك مخططاً إسرائيلياً لتغيير خارطة الشرق الأوسط الحالية واستبدالها بخارطة طائفية ومذهبية، بحيث تحل محـل ما هو قائم دول تقوم على أساس طائفي وتشكل مع إسرائيل «القوية» ما يمكن تسميته «الكومونولث الديني»!!

لقد قيل مثل هذا الكلام وقيل أكثر منه في عقد سبعينيات القرن الماضي، وكان يومها قد دخل لبنان دائرة الحرب الدينية بين المسيحيين الموارنة الذين، لتبرير ذبحهم وتحويلهم إلى رقم ثانوي في المعادلة اللبنانية، أُلصقت بهم تهمة «الانعزالية»، وكانت سورية تشهد توتراً طائفياً عنيفاً في ضوء رفع «الإخوان المسلمين» السلاح في وجه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد واستهداف الكفاءات من أبناء الطائفة «العلوية»... التي كانت تعتبر هي الطائفة الحاكمة.

في ذلك الوقت لم يكن أحد يتصور أن يصبح العراق على هذه الحالة البائسة، حيث إذا تمت ترجمة ما يجري ترجمة أمينة فإنه يصبح الحرب الأهلية الطائفية والمذهبية ولم يكن أحد يتصور أن يصبح الإرهاب عنوان مرحلة بدايات القرن الجديد، وأن تشهد هذه المنطقة التي تنام فوق برميل بارود كل هذه التوترات التي مهما تم التحايل عليها وتحاشي النظر إليها نظرة صحيحة فإنها في حقيقة الأمر تشكل ألغاماً موقوتة ستنفجر كلها إن لم يكن مرة واحدة فوفقاً لطريقة «التفجير المتسلل» الذي طرح في فترة من الفترات من قبل قيادات فلسطينية رئيسة!!

اليوم، هذا اليوم الثلاثاء، من المفترض أن يجتمع مجلس النواب اللبناني لينتخب رئيس الجمهورية اللبنانية الجديد العتيد، والواضح أن هذا اليوم «لن يمر على خير» فرقعة الخلافات بين اللبنانيين اتسعت بعد اغتيال النائب الكتائبي العضو الفعال في تيار (الرابع عشر من آذار) أنطوان غانم والجهة المعروفة المصرة على إما أن يكون لبنان في جيبها، وإما فليذهب إلى الجحيم ماضية في ما هي ماضية فيه. ولذلك فإن هذا اليوم سيكون محطة رئيسة على الطريق إلى مستقبل هذا البلد الذي هو بمنزلة نفق مظلم لا ضوء على الإطلاق في نهايته.

ربما لن يوفر تحالف «حزب الله»-«حركة أمل» ميشال عون، ومن مع هؤلاء النصاب الدستوري الذي هو الثلثان، وهو، أي هذا التحالف، لن يوفره لأنه لم يضمن سلفاً، حسب مبادرة أو «مناورة» نبيه بري المعروفة، التوافق على المرشح التوافقي لرئاسة الجمهورية وهذا معناه أن الافتراق سيتم. والمؤكد أنه إن تم الافتراق فإن لبنان لن يبقى موحداً وأنه ستكون هناك حكومتان ورئيسان وأن عملية التسلح المتواصلة، منذ أن نقل السيد حسن نصرالله بعد حرب صيف العام الماضي جيشه من الجنوب إلى بيروت وأقام دولة داخل الدولة اللبنانية أقوى من الدولة اللبنانية، إلى عودة مؤكدة الى الحرب الأهلية.

إذا تم هذا فإن لبنان سيواجه خطر العودة إلى طروحات سبعينيات القرن الماضي من جديد، ولعل من سمع ما قاله الرئيس أمين الجميل في تأبين أنطوان غانم، الذي تحدث بألم ما بعده ألم فيما لايزال يعيش ألم اغتيال نجله الأكبر الوزير السابق بيار، أدرك أن هذا البلد المستهدف بتجربته وتكوينه ومكانته ذاهب إلى التشظي، هذا إذا لم يتحرك العالم لوضع حدٍّ للذين يستهدفونه والذين يصرون على استهدافه.

إن هذا اليوم سيكون فاصلاً... ويقيناً أنه إذا نجحت المؤامرة وانتهى لبنان إلى الانقسام والتقسيم فإن أول من سيدفع الثمن هم «الأشقاء» الأقربون، والمثل يقول «إن من حفر لأخيه حفرة وقع فيها» والمثل يقول أيضاً «إن الذي بيته من زجاج لا يضرب الناس بالحجارة»، فالتشظي عندما تكون العوامل المذهبية والطائفية متوافرة عدواه كعدوى «الكوليرا» والجدري... يصبح حالة فتاكة وسريعة الانتشار!!

* كاتب وسياسي أردني