المفقودون بين معاناة الأهل وروتين السياسة مطلوب إجراء تحقيقات شاملة ومستمرة

نشر في 30-08-2007 | 00:00
آخر تحديث 30-08-2007 | 00:00

يصادف اليوم الخميس (30 أغسطس) يوم المفقودين

في العالم، وبهذه المناسبة فقد ضمت منظمة العفو الدولية صوتها إلى صوت عائلات المختفين، ودعت جميع الحكومات إلى إجراء تحقيقات كاملة وفق المعايير الدولية في جميع حوادث الاختفاء، وتقديم المسؤولين عن ارتكابها

إلى العدالة، وضمان دفع تعويضات كافية إلى الناجين

من حوادث الاختفاء وإلى أقرباء الذين ما زالوا مختفين.

قال التقرير، الذي أصدرته منظمة العفو الدولية في يوم المفقودين تحت عنوان «آن الاوان لقول الحقيقة كاملة»، إن مئات الآلاف من الأشخاص الذين قد اختفوا على مدى العقود الماضية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أغلبيتهم في العراق، وأكد أنه مع الإقرار بأن السلطات في بعض الدول وضعت في الأعوام الأخيرة آليات للنظر في مصير أولئك الأشخاص الذين اختفوا، إلا أن مصير آلاف عديدة من المختفين ما زال مجهولاً. ولن يتم إنصاف الضحايا وعائلاتهم حتى إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة وحيادية في كل حالة فردية من حالات الاختفاء في المنطقة.

موضوع محرم

وذكر التقرير أنه حتى العام الماضي كانت قضية المختفين موضوعاً مُحرماً في الجزائر، ولم تلق اهتماماً يُذكر على الصعيد الدولي، وطوال سنوات امتنعت عائلات المختفين عن الاحتجاج العلني خوفاً على سلامة أقاربها المعتقلين وسلامتهم، لكن خلال عام 1998 تغلبت المزيد من العائلات على مخاوفها، ونتيجة لذلك أدت احتجاجاتها وعمليات كسب التأييد المتواصلة التي قامت بها إلى مناقشة القضية في البرلمان وفي الشوارع، وعلى الصفحات الأولى للصحف الوطنية، وقال التقرير بالرغم من الضغط الدولي فانه لم يُسمع أي شيء عن المفقودين في العراق، واستمرت ممارسة عمليات «الإخفاء» من جانب السلطات العراقية في التسعينيات، مع اعتقال واختفاء المئات من المشتبه في انتمائهم إلى الجماعات المعارضة، وبالأقرب عقب اغتيال آية الله صادق الصدر في فبراير 1999، وأشار الى أنه بعد سنوات من الاحتجاجات داخل لبنان بقيادة لجنة أقارب المخطوفين والمفقودين وإجراء تحقيقين أوليين شكلت الحكومة اللبنانية في نهاية الأمر لجنة تحقيق في حوادث «الاختفاء» في يناير 2000، واستجوبت اللجنة عائلات الضحايا وأفراد الميليشيات السابقة وزارت مواقع القبور الجماعية، وارسلت إلى الحكومة السورية وعبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الحكومة الإسرائيلية قوائم بأسماء المختفين الذين قيل إن سورية وإسرائيل قد اعتقلتهم، ونفت كلا الحكومتين علمها بمكان وجود الأشخاص الواردة أسماؤهم في القائمة، واحتجت العائلات ضد النتائج التي توصلت إليها اللجنة، وهي أنه ليس بين المختفين أحياء في لبنان، وأن الأحياء في لبنان والمفقودين منذ مدة لا تقل عن أربع سنوات يجب اعتبارهم أمواتاً، وتجري لجنة تحقيق جديدة شُكِّلت في عام 2001 بحثاً متعمقاً حول مصير المختفين، وعُثر في السجون السورية على بضعة أشخاص أحياء كان يُعتقد أنهم مختفون، بينما لم يُجرَ بعد تحقيق كامل في إسرائيل حول قبر جماعي واحد على الأقل يقال إنه يعود إلى 1982.

الجزائر

وتناول التقرير جولة في ملف المفقودين في بعض الدول العربية، ففي الجزائر اختفى آلاف الرجال والنساء خلال العقد الماضي بعد أن اقتادتهم قوات الأمن، ويشكل الضحايا مجموعة متنوعة جداً من الأشخاص، وينتمون إلى جميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وإلى معظم مناطق البلاد، وطاول الاختفاء أشخاصاً من جميع الأعمار، واختفى الضحايا بعد أن اقتيدوا من منازلهم أو أماكن عملهم أو من أمكنة أخرى، غالباً على مرأى من الأقارب أو الجيران أو الزملاء على أيدي رجال الشرطة أو الدرك أو الوحدات الأمنية العسكرية، فضلاً عن ميليشيات تسلحها الدولة، ويُعتقد أن بعض المختفين قد اعتُقلوا للاشتباه في علاقتهم على نحو ما بإحدى المجموعات المسلحة، أما الآخرون فقد اتُهموا بإقامة مثل هذه العلاقة، وبالنسبة للبعض الآخر فلا يوجد سبب واضح لاختفائهم.

العراق

ويظل مصير مئات الآلاف من الأشخاص الذين اختفوا منذ مطلع الثمانينيات دون حل، وجدير بالذكر أنه مع اندلاع الحرب الإيرانية العراقية عام 1980 أُبعدت إلى إيران عائلات عربية مسلمة شيعية، وأخرى تنتمي إلى أكراد فيلي بكاملها، بعدما أعلنت السلطات العراقية أنها تنحدر من أصل إيراني، وأُلقي القبض على الآلاف من الأفراد الذكور في هذه العائلات، واختفوا كغيرهم، وفي عام 1983 قبضت القوات العراقية على نحو 8000 رجل وفتى تتراوح أعمارهم بين 8 أعوام و70 عاماً ينتمون إلى عشيرة البرزاني بالقرب من مدينة أربيل الواقعة في شمال العراق، ونُقلوا إلى أماكن مجهولة، وقد اختفوا جميعهم، أما في عام 1988 وفي بحر ثلاثة إلى أربعة أشهر، يُعتقد أن أكثر من 100,000 مدني كردي قد اختفوا في ما سُمي بعملية الأنفال، عندما نفذت الحكومة العراقية برنامجاً لتدمير القرى والبلدات في جميع أنحاء كردستان العراقية. وفي نهاية حرب الخليج الثانية وعقب انتفاضة مارس 1991 ضد الحكومة التي قام بها المسلحون الشيعة في الجنوب والأكراد في الشمال، قُبض على 106 رجال دين وطلبة من الشيعة المسلمين في مدينة النجف الواقعة في جنوب البلاد، ويظل مصيرهم ومكان وجودهم في طي المجهول حتى الآن، وخلال الفترة ذاتها عندما انسحبت القوات العراقية من الكويت قُبض على أكثر من 600 من الكويتيين ورعايا الدول الأخرى، واقتيدوا إلى العراق.

لبنان

فيما اختفى آلاف الأشخاص خلال الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 حتى عام 1990، وأقدمت جميع الميليشيات العاملة في لبنان على خطف الأشخاص المشتبه في تأييدهم للجماعات الأخرى، وتعرض العديد من الضحايا للقتل في ما بعد، ونُقل بعضهم إلى معتقلات خاضعة لسيطرة الميليشيات، وأسرت القوات السورية والإسرائيلية العاملة في لبنان العديد من المواطنين اللبنانيين الآخرين، وسلَّمت الميليشيات البعض الآخر إلى حلفائها السوريين أو الإسرائيليين، ويظل أغلبية الضحايا في عداد المفقودين.

المغرب

وإن اختفاء المئات من المغاربة والصحراويين على أيدي أجهزة الأمن المغربية بين مطلع الستينيات وأواخر الثمانينيات، وفي يونيو 1991 أُطلق سراح نحو 300 صحراوي من المعتقليّن السرييّن في قلعة مجونا والعيون بعد اختفاء دام 16 عاماً، وفي نهاية عام 1991 أُفرج عن نحو 30 مغربياً من معتقل تزمامارت السري بعد اختفاء دام 18 عاماً، وتوفي في الاعتقال السري زهاء 50 صحراوياً و30 مغربياً من المختفين بين عام 1976 وعام 1991 في المعتقلات السرية في أجدز وقلعة مجونا والعيون وتزمامارت، ومازال مئات آخرون في عداد المفقودين، وقدمت لجنة التحكيم التي شكلها الملك محمد السادس في يوليو 2000 لتحديد مقدار التعويض عن الأضرار المادية والنفسية التي لحقت بضحايا الاختفاء وعائلاتهم.

اليمن

ويظل مصير مئات الأشخاص الذين اختفوا في اليمن منذ أواخر الستينيات في طي المجهول، وقد اختفى أشخاص عقب اعتقالهم على أيدي قوات الأمن أو الميليشيات، وبخاصة خلال الصراعات السياسية على السلطة أو على أثرها، ووقعت حوادث اختفاء واسعة النطاق خلال الحرب الأهلية التي اندلعت في مايو 1994، وفي يناير 1986، عندما نشبت حرب أهلية دامت 10 أيام بين مختلف فصائل الحزب الاشتراكي اليمني، ويبدو أن التعهدات التي قطعتها الحكومة بإجراء تحقيقات في حالات المختفين منذ عام 1994 لم تُنفذ، وفي نوفمبر 1990 صرَّحت الحكومة اليمنية بأن الذين اختفوا قبل عام 1978 قد أُعدموا بعد محاكمات بإجراءات مقتضبة، أما في ما يتعلق بالذين اختفوا قبل عام 1986 فذكرت أنه تم الإفراج عن بعض الأفراد لكنها لا تملك أي معلومات حول أفراد آخرين ذكرت منظمة العفو الدولية أسماءهم، وقالت الحكومة إنها ستنظر في أي حالة تقدمها المنظمة، وفي عامي 1992 و1996 قدمت منظمة العفو الدولية 269 حالة إلى الحكومة اليمنية للتحقيق فيها، بما فيها حالات سجناء اختفوا في اليمن منذ عام 1970. وتعهد النائب العام آنذاك بإجراء تحقيقات في حالات الأشخاص الذين أُعلن اختفاؤهم منذ عام 1994، ووجد 27 حالة اختفاء.

أحداث لا تنسى

• في 1 أكتوبر 1980 قُبض على سبعة أشقاء من آل الهاشمي في مناطق مختلفة من بغداد في العراق، وفي عام 1983 أُعدم إسماعيل الشقيق الأكبر للأشقاء من عائلة الهاشمي، ويظل مصير الأخوة الستة المتبقين في طي المجهول.

• 31 أغسطس 1978 هو اليوم الأخير الذي شوهد فيه الإمام موسى الصدر في طرابلس الغرب بليبيا، وهو رجل دين شيعي بارز في لبنان ومولود في إيران، وكان بصحبته الشيخ محمد يعقوب وعباس بدر الدين وهو صحافي، وقد اختفى كلاهما أيضاً منذ ذلك الحين، وبحسب ما ورد كان من المقرر أن يجتمع الإمام موسى الصدر، البالغ من العمر خمسين عاماً في حينه، بالعقيد معمر القذافي في اليوم الذي اختفى فيه، وزعمت السلطات الليبية أن موسى الصدر غادر إلى إيطاليا في ذلك اليوم، لكن ذلك يتعارض مع التحقيقات التي أجرتها السلطات الإيطالية وأكدها حكم صادر عن محكمة إيطالية.

• اقتيد محمد محمدي، وهو تاجر عمره 63 عاماً، من منـزله في قرية تقع في إقليم رليزان في الجزائر في 5 أكتوبر 1996 عند تمام الساعة 9.30 مساء من جانب أعضاء الحرس الشعبي المحلي، ورأى الجيران والمارة الذين شاهدوا العملية محمد وهو يوضع في سيارة تعود إلى الحرس الشعبي المحلي، وعلمت عائلته أنه بعد احتجازه ليلة واحدة في رليزان، نُقل إلى ثكنة عسكرية في كيلا، لكنها لم تسمع أي أخبار أخرى عنه منذ ذلك الحين.

back to top