Ad

تغدو مسألة إعادة النظر في اختيار مرشحي الحكومة مهمة وطنية ضرورية تتوسل الكفاءة معيارا للاختيار، عله يزيح عن كاهل مرشح الحكومة وطأة الإحساس بالدونية وغيرها من المشاعر السلبية المحبطة.

حين أطل المرشح الجديد على الحاضرين في الديوان، سائراً على الزرابي المبثوثة متخايلاً كالطاووس، قال كبيرهم الذي علّمهم النميمة بصوت عال: ها قد جاءكم مرشح الحكومة! بادره المرشح قائلا في حدة: لست مرشحاً للحكومة. ثم أردف قائلاً: الحق أني مرشح مستقل! ضحك بعض رواد الديوانية لأنه نطق «مستقل» بالغين وليس بالقاف، كما هو دأب الكويتيين في قلب الجيم إلى ياء والضاد إلى ظاء وغيرها.

وأياً كان الأمر فالملاحظ أن جل مرشحي الحكومة، والمحسوبين عليها والمؤيدين لها، هم من المستغلين بامتياز ولا فخر! وهم يتمايزون في درجة الاستغلال وكميته ونسبته! وهذا لا يعني بالضرورة أن هذه الصفة قاصرة عليهم دون غيرهم من النواب، بل هي حاضرة في وجدان وممارسة العديد من المرشحين والنواب غير الحكوميين! ولو كانت الأحزاب مرخصة تمارس نشاطها علناً لراعك أن أغلب أعضاء حزب الحكومة هم من المنتفعين الذين يقايضون الموالاة بالمناقصات ذات الأرقام الفلكية المعجزة، وغيرها من المنافع الكفيلة بتحويل وكيل مدرسة مثلاً إلى وكيل شركات عالمية بفضل بركة دعاء الوالدين ليس إلا!

وفي هذا السياق أذكر أن الكاتب الصحافي الكبير الأستاذ «مصطفى أمين» كتب مقالة صريحة ساخرة ضد أعضاء حزب الحكومة الذين طلقوا الحزب الحكومي طلاقاً بائناً حالما أعلن الرئيس السادات قيام الحزب الوطني الذي خلقه «الريس» بجرة فرمان همايوني! أما الحزب الحاكم فإنه يختلف عن حزب الحكومة بداهة. ذلك أن الأول يولد نتيجة مخاض ديموقراطي، يتبدى في الخيار الحر الذي تحسمه عملية الاقتراع، بحصول الحزب أي حزب على الأغلبية لوحده، أو عبر تحالفه مع حزب آخر.

* والعبد لله ليس ضد نواب الحكومة ولا مرشحيها... لاسيما أنها تكون في أحايين كثيرة أشد استنارة من مجلس الأمة، كما يتجلى ذلك في الموقف من منح المواطنة حقوقها السياسية! ولعلي أزعم بأن الحكومة الرشيدة لا تجيد اختيار مرشحيها، ويبدو أن معاييرها في هذا الاختيار لا تمت بصلة إلى الكفاءة والقدرة على الفعل والإنجاز! حسبه أن يقف بحذائها: يصوت لمصلحتها، ويطبل ويزمر لقراراتها... وإن كانت غير شعبية! فهم معها «إمعات» يؤيدونها بالحق والباطل! الأمر الذي يفضي بالنواب الأكْفَاء إلى خارج نطاق التغطية الحكومية، بسبب بدعة أهل الثقة، وأهل الخبرة التي صنعت في مصر عبدالناصر بداية، ومن ثم انتقلت عدواها إلى أغلب الأقطار العربية، ولله الحمد! وأحسبني غير مضطر إلى التقرير بأن سياسة «أهل الثقة وأهل الخبرة كانت كارثة مأساوية أقصت خيرة العقول العربية، وحرضتهم على الهروب الجماعي الكبير إلى مواطن تؤمن بأن الولاء الحق يتجسد في فعل الخبير المسكون بالسؤال الهاجس: ماذا قدمت للوطن... وما الذي سأقدمه لاحقا؟ وهذا السؤال، كما ترى، غير وارد ولا مطروح في أذهان المواطنين الذين ربتهم الدولة الريعية الكريمة السخية على الأخذ لا العطاء ولسان حالهم يرجع مقولة: كلما قلت له خذ قال هات! كما نوهت بذلك منذ أسابيع قليلة. ويمكن لنا القول إن النائب الحكومي كما «العومة: مأكولة ومذمومة» ولا شك عندي في أن هذا الموقف ينطوي على نفاق اجتماعي واضح وصريح! بغض النظر عما إذا كان فعل النفاق يمارسه المواطن بوعي أو من دونه! والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ألم يئن الأوان لاختيار مرشحي الحكومة الرشيدة من الأكْفَاء بعد أن جربت كثيرا الاعتماد على الأكفّاء وهي تعني جمع كفيف! وشتان ما بين الأكْفَاء والأكفّاء! ومعذرة بهذه الفذلكة غير المقصودة. المهم أن مرشحي الحكومة غالباً ما يخفقون في الوصول إلى عتبة قاعة «عبدالله السالم» على الرغم من الدعمين المادي والمعنوي اللذين يحظيان بهما، ومن هنا تغدو مسألة إعادة النظر في اختيار مرشحي الحكومة مهمة وطنية ضرورية تتوسل الكفاءة معيارا للاختيار، عله يزيح عن كاهل مرشح الحكومة وطأة الإحساس بالدونية وغيرها من المشاعر السلبية المحبطة! وبالتالي يتحقق القول بأن الحكومة والمعارضة وجهان لعملة واحدة.