الإنسان عبدالعالي... وطعم الملح المر

ذهب بهدوء كما كان... رغم محاولات خفر السواحل ووصول الاسعاف إلا أن أمر الله كان قد حل، وانتقل عبدالعالي ناصر إلى ذمة الله.

ذهب الرجل الجميل، الودود، الهادئ الملتزم مبدأ ومنتهى... شريط للذكريات مر خاطفا وفي النفس حرقة طعم الملح الحاد الحارق ومن ذات الحال فقد مات عبدالعالي غرقا...

كان -رحمه الله- مثالا للالتزام الهادئ منذ زمن طويل فلم يتغير معدنا منذ اعتقاله في العراق وتعرضه للتعذيب واشتراكه لاحقا ضمن مجموعة كبيرة من ابناء الكويت واسهامه فيها في اطار نخبة سياسية كانت تعي دورها وانتماءاتها ومصلحة وطنها.

وخلال انتخابات مجلس الأمة عام 1985 والتي خاضها في الدائرة الخامسة (القادسية)، وجاء فيها خامسا، كان واضحا أنه قد خاضها وهو يعرف صعوبة الأوضاع آنذاك والمحنة الطائفية على أشدها، فكان نزوله تضحية لا ننساها ليرفع صوتا وطنيا عاما ضد التيار الذي ساد تلك الانتخابات وسابقاتها.

وبعد فترة ليست بطويلة وبعد حل مجلس الأمة عام 1986 كان لنا لقاءات في اطار الحركة الدستورية أو ما اصطلح على تسميته «ديوانيات الإثنين» فكان فاعلا حاضرا، حيث دارت فيها وحينها حوارات تشعبت، اختلفنا حينا واتفقنا اكثر ولم يحدث أن «تزاعلنا» فقد كان عبدالعالي من ذلك النوع الذي لا تستطيع إلا أن تحبه وتحترمه.

أما اثناء الغزو العراقي للكويت فقد شهد منزله بالخالدية وفي سردابه أوائل لقاءات جمعتنا كمجموعة من الكويتيين الصامدين في وجه الغزاة للتباحث والتشاور في الخطوات التي يجب ان نتخذها للتصدي للغزو، فكان رحمه الله معطاء ثابتا هادئا كعادته.

أما بعد الغزو فقد كان واضحا، ان عبدالعالي قد أصبح اكثر شمولية في التزامه، حيث ركز أكثر على الانساني وقلل من السياسي فكان أن تحمل عبء الجمعية الكويتية لحقوق الانسان نائبا للرئيس مع الاخ عبداللطيف الصقر وبقية أعضاء مجلس الادارة في السنوات السابقة للاشهار، كما لم يبخل بعضويته في مجلس الامناء في المنظمة العربية لحقوق الانسان ولم يبخل بوقته وجهده وماله في الوجود وتمثل الكويت في المحافل الاقليمية والدولية. وكان رحمه الله كعادته محبوبا من الجميع، وقد اعطى صورة جميلة راقية للكويت كما كان هو رحمه الله.

فليرحمك الله وليلهم أهلك الصبر والسلوان...