للخطايا ثمن... وللحرية ثمن أيضاً!!

نشر في 11-09-2007
آخر تحديث 11-09-2007 | 00:00
مسلسل «للخطايا ثمن» يتطرق كذلك بمساحة الجرأة نفسها إلى الزواج العرفي لدى السُّنة، وهو ما ينفي وجود أي نفس طائفي موجه ضد فئة بعينها. وفي كلتا الحالتين «المتعة والعرفي»، فإن المسلسل يسلط الضوء على ظواهر اجتماعية لا على نصوص شرعية.
 سعد العجمي الجدل الدائر حول مسلسل «للخطايا ثمن» الذي سيعرض على شاشة الـ m b c في شهر رمضان المبارك، يعكس واقعاً اجتماعياً نعيشه في الكويت يقوم على «تسييس» كل شيء في حياتنا. فإذا ثبتت الأخبار التي تناولتها بعض الصحف، فإن موضوع وقف عرض المسلسل أصبح على طاولة وزير الإعلام، وسيكون محل بحث من قبل كتلة العمل الشعبي. على أن أهم ما كشفه هذا الجدل، هو أجواء عدم الثقة والتوجس بيننا ككويتيين (سنّة وشيعة)، عندما يتناول أحدنا ظاهرة اجتماعية أو دينية لدى الطرف الآخر عبر مقال أو مسلسل، حينها يبدأ هذا الطرف أو ذاك بالعزف على وتر الوحدة الوطنية، وكأن ما يجمعنا كطائفتين من تلاحم أوهن من بيت العنكبوت.

 

 

وكوني اطلعت على النص المعدل منه، وواكبت تصوير أغلب حلقاته، بحكم عملي، فإنني لا أفهم سبباً للحساسية التي أبداها الإخوة الشيعة تجاه مسلسل من ثلاثين حلقة يتطرق في حلقتين أو ثلاث فقط إلى زواج المتعة، ليس من باب التحريم أو الإباحة، بل من خلال الإشارة إلى أن هناك من يَستخدم هذا الزواج استخداماً سلبياً.

 

 

كما أن المسلسل يتطرق كذلك وبنفس المساحة من الجرأة إلى الزواج العرفي لدى السُّنة، وهو ما ينفي وجود أي نفس طائفي موجه ضد فئة بعينها. وفي كلتا الحالتين «المتعة والعرفي»، فإن المسلسل يسلط الضوء على ظواهر اجتماعية لا على نصوص شرعية.

 

 

على كل، فإن ارتداء عباءة «النعامة» أمام المشاكل الاجتماعية المرتبطة بالدين بشكل أو بآخر، تحت ذريعة «الحساسية والمحظور»، أثبتت فشلها، حيث سرقنا الوقت قبل أن نكتشف أن أغلب أبنائنا «إرهابيون» تم استغلالهم باسم الدين. وهنا تجب الإشارة إلى أن إنتاج مسلسلات وأعمال فنية لمعالجة ظاهرة الإرهاب، وربط هذه الظاهرة بالسنة، وتحديداً «الوهابية» كل ذلك لم يفسر في حينه على أنه سبب في شق الوحدة الوطنية، أو أنه يشكل إساءة إلينا كسنّة، وهو ما نتمنى ان يتقبله إخواننا الشيعة أيضاً.

 

 

ماعدا التشكيك في الولاء للوطن، والثوابت الدينية، بالنسبة إلي على الأقل، فإن نقد هذه الظاهرة، أو ذلك السلوك أيا كان، وطرحه للنقاش، هو حق متاح للجميع، خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بقضايا خلافية، تتعدد فيها الفتاوى والاجتهادات، كزواج المتعة والزواج العرفي، بشرط اختيار الوقت المناسب لذلك، وهي فقط الجزئية التي من الممكن أن يكون لي تحفظ عليها، في ما يخص هذا المسلسل، لكونه سيعرض في شهر رمضان.

 

 

عموماً أتمنى أن تعي النخب المثقفة، سُنة كانت أم شيعة، خطورة الانجرار وراء دعوات المتعصبين والمتسترين خلف الدين، التي يطلقونها عند كل قضية تخالف أهواءهم، وتمس مصالحهم، وعلينا أن نحكم قناعاتنا لا «شعاراتهم»، فالموضوع موضوع حريات يحاول بعضهم أن يحجُر عليها ويصادرها، لأنها قد تفتح أبواباً لا يراد لها أن تُفتح. ومثلما «للخطايا ثمن»، فإن «للجرأة ولحرية الرأي» ثمناً أيضاً ... يجب أن ندفعه.

back to top