أعتقد أنني سأعرّض نفسي لقدر غير مؤذ من السخرية إذا طرحت التأكيد التالي: من المرجح أن رئاسة جورج دبليو بوش ستكون فترة رئاسية ناجحة.

Ad

دعونا نتناس الأخطاء غير الضرورية والجروح المنزلة بالذات التي ميزت إدارة بوش، ولننظر إلى الغابة الواسعة وليس إلى الأشجار القبيحة في كثير من الأحيان؛ ماذا نرى؟ أولا، لم يقع اعتداء إرهابي ثان على الأرض الأميركية، وهو أمر لم يكن بوسعنا التسليم به من دون ضمانات. ثانيا، اقتصاد قوي، ومرة أخرى لم يكن هذا أمرا حتمياً.

وثالثا، وهو الأهم، حرب في العراق كانت غاية في الصعوبة، لكننا -برغم بعض الالتباس المتجذر بفعل تقرير «مرجعي» شبه معدوم الفائدة نُشر الأسبوع الماضي- نبدو الآن في سبيلنا الى تحقيق حصيلة ناجحة.

لننظر إلى الاقتصاد أولا: بعد انفجار فقاعة الشركات التكنولوجية، أو ما بات يعرف بفقاعة «الدوت كوم»، وما تلاها من هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، شهدنا أكثر من خمس سنوات من النمو المتواصل، وانخفاض معدلات البطالة، وتعافي سوق الأوراق المالية. هل حدث هذا بمحض المصادفة؟ كلا. ضغط بوش حتى تحققت التخفيضات الضريبية لعام 2001، و2003 على وجه الخصوص، بالمجادلة بأن من شأن تلك التخفيضات أن تنتج نمواً في الاقتصاد. توقع معارضوه عواقب وخيمة لذلك، لكن الرئيس كان على صواب تماماً. وحتى عجز الميزانية، وهو أكثر نتائج التخفيضات الضريبية تعرضاً للنقد، بسبيله للانخفاض، كما أنه أقل مما كان عليه عند إقرار التخفيضات الضريبية لعام 2003.

شهد العام 2003 أيضا تصويتاً بفارق ضئيل من قبل الكونغرس لمصلحة المبادرة الرئيسة الأخرى لولاية بوش الأولى، المتعلقة بمزايا صرف الأدوية بوصفات طبية ضمن برنامج الرعاية الصحية «ميديكير»، التي شجبها الليبراليون باعتبارها لا تحقق أي مصلحة للمسنين؛ بينما كان المحافظون قلقين من أنها ستفلس الميزانية.

 

وعليه، فبالنسبة لأهم تشريعين محليين تمكن الرئيس من إقرارهما، نجا الرئيس من اللوم؛ وفيما يتعلق بالمقترحين الفاشلين لفترة ولايته الثاني-وهما حسابات الأمن القومي الخاص والهجرة- أعتقد أن شيئا شبيهاً بما اقترحه بوش سينتهي لإقراره في صورة قانون خلال السنوات المقبلة.

وفي الوقت نفسه، شهد عاما 2005-2006 إقرار مرشحين لرئاسة المحكمة العليا، هما جون ج. روبرتس، الابن، وصمويل أليتو. سيعتمد حكمك على هذين المعينين على فكرتك العامة عن المحاكم وعن الدستور، لكن حتى لو كنت تقدمياً قضائياً، فعليك أن تعترف بأن روبرتس وأليتو هما قاضيان مثيران للإعجاب.

ماذا عن الإرهاب؟ بعيداً عن العراق، كان هناك قدر من الإرهاب، في الولايات المتحدة وخارجها، أقل مما توقعه العديد من الخبراء في الثاني عشر من سبتمبر 2001، وعليه فمن المرجح أن بوش ونائبه ديك تشيني يقومان بعمل بعض الأشياء المهمة بالشكل الصحيح. وكذلك، فقد سارت الحرب في أفغانستان بصورة جيدة نسبياً.

وفي غرب باكستان، حيث من الواضح أن اتفاقيات الرئيس برويز مشرف مع حركة «طالبان» أدت لتحويل المنطقة إلى ما يشبه الملاذ الآمن للإرهابيين، مما يجعل المشكلة تزداد سوءاً. وهذا هو سبب كون وكالات الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق من أن تستعيد «القاعدة» قوتها، لأن «القاعدة» قد تتمكن ثانية من أن تمتلك موقعاً يقوم فيه أفرادها بالتخطيط، والتنظيم، والتدريب. قد يلزم التعامل مع هذه الملاجئ الآمنة الواقعة في منطقة وزيرستان في المستقبل القريب، وأعتقد أن بوش سيتعامل معها، باستخدام مزيج من الضربات الجوية والعمليات الخاصة.

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية عموما، فقد ظلت تمثل «جراب الحاوي» المعتاد؛ فقد عمقنا من صداقاتنا مع اليابان والهند؛ وحققنا نتائج أفضل مما كان متوقعاً فيما يتعلق بأكبر دولتين في أميركا اللاتينية، وهما المكسيك والبرازيل؛ كما حصلنا على حكومات أكثر وداً مما كان متوقعا في كل من فرنسا وألمانيا. وتتسم العلاقات مع الصين بالثبات، بينما كان هناك انحسار للروابط مع روسيا، أما الموقف في كوريا الشمالية فهو سيئ، غير أنه قابل للاحتواء.

لكن انتظر، انتظر، انتظر: ماذا عن العراق؟ إن العراق، أيها الغبي –كما تقول (أنت و65 في المئة من مواطنيك الأميركيين)- هي ما يجعل بوش رئيسا غير ناجح.

ليس بالضرورة. أولا، وقبل كل شيء، سنحتاج إلى مقارنة الموقف في العراق الآن، بكل ما يحتويه من صعوبات وأخطاء ارتكبتها الإدارة الأميركية، ومع ما كانت ستؤول إليه الأمور هناك لو لم نتدخل فيها. كان من الممكن أن يبقى صدام حسين على قيد الحياة وممسكاً بالسلطة، منتصراً، إن جرؤت على القول، بينما كانت الولايات المتحدة (والأمم المتحدة) ستنسحب بحلول وقتنا هذا من فرض العقوبات ومنطقة الحظر الجوي، وربما كان صدام أحيا برنامجه النووي، كما ستكون علاقاته بـ «القاعدة» وغيرها من المنظمات الإرهابية قائمة أو أعيد إحياؤها، بل ربما ازدادت متانة.

ومع ذلك، فهذا أمر من قبيل التكهن، لأن خسائر وتكاليف الحرب حدثت بالفعل. إن بوش رئيس حرب، ورؤساء الحرب يتم الحكم عليهم استنادا إلى انتصارهم في حربهم أو خسرانها. ولذلك، لكي يصبح رئيساً ناجحاً، يتعين على بوش أن ينتصر في العراق، وهو الأمر الذي أعتقد أن بإمكانه فعله الآن. وبالفعل، أعتقد أننا سننتصر في النهاية. في أواخر عام 2006، لم أكن أظن أننا سننتصر، عندما كان بوش عالقاً في الاستراتيجية الفاشلة لـ «رامسفيلد-ابي زيد- كاسي»، والتي تلخصت في «الاسترخاء»، في حين كان بوسع العراقيين أن يقوموا «بالاستنفار»، بناء على النظرية الخاطئة التي تقول إننا إذا امتلكنا «موطئ قدم صغيرا» في العراق، فسنكون أكثر نجاحاً. ومع استراتيجية قمع التمرد التي أعلن عنها في العاشر من يناير، يدعمها «تدفق» القوات، أعتقد أن الاحتمالات أصبحت في النهاية أفضل من 50 الى50 بأننا سننتصر.

إذا تمكنا من المحافظة على تدفق مزيد من القوات لمدة سنة، وواصلنا تدريب القوات العراقية بكفاءة، فربما تمكنا من البدء في الانسحاب بحلول منتصف إلى أواخر عام 2008.

لكن هل يمكن لبوش أن يحافظ على دعم كاف هنا في الوطن؟ نعم. سيساعد في ذلك أن تقوم الإدارة الأميركية بعرض قضيتها بصورة أكثر فاعلية وبقدر أقل من التبريرات.

لكن بوش محظوظ لأنه وجد أخيرا من يشبه الجنرال أوليسيس س. غرانت أو من يشبه كرايتون أبرامز، والمتمثل في الجنرال ديفيد بيترايوس. إذا ساند الرئيس بيترايوس واستمر التقدم على أرض المعركة، فسيكون بوش قادراً على منع حدوث خيانة في واشنطن، وعندئذ سيمكنه أن يترك الحكم والأمة في سبيلها لتحقيق نتيجة موفقة (برغم كونها مؤلمة وشاقة) في العراق. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لبقية بلدان الشرق الأوسط، حيث لاتزال كثير من الأوضاع غير مستقرة، أن تميل نحو أصدقائنا وبعيداً عن الجهاديين، والملالي، والطغاة.

إن مواصلة تأمين النصر في العراق، وتعميم فوائده على البلدان المجاورة ستكون مهمة الرئيس المقبل، وهذا يقودنا إلى الاختبار النهائي لبوش.

ينزع الرؤساء الأميركيون الناجحون بحق إلى تبرير سياساتهم وضمان توسيعها من خلال انتخاب خلف لهم ينتمي إلى الحزب نفسه. هذا مؤكد، فحتى مع الانخفاض الحالي في شعبية بوش، فإن كبار مرشحي الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية يتسمون بالتنافسية في استطلاعات الرأي في مواجهة النائبين الديموقراطيين هيلاري رودهام كلينتون وباراك أوباما. وبالإضافة إلى ذلك، فمن بين أهم مميزات الشجار الحزبي الحالي في واشنطن أنه رغم إضراره ببوش، فهو يضر أيضا بشعبية الكونغرس الديموقراطي، حيث يعمل كل من كلينتون وأوباما. قد يؤدي قدر قليل من التدمير المضمون من الجانبين بين إدارة بوش وبين الكونغرس لجعل المرشح الجمهوري، الذي سيكون على الأرجح غير منتم لأيهما، يبدو في صورة مقبولة.

ما الذي سيحدث عندما يدرك الناخبون في نوفمبر 2008 أنهم، إذا اختاروا رئيساً ديموقراطياً، سيحصلون أيضا على كونغرس ديموقراطي، وبالتالي قضاة ليبراليين في المحكمة العليا؟ سيرتعد كثير من الأميركيين من احتمال أن تحكمهم حكومة ثلاثية لارقابة عليها مكونة من هيلاري كلينتون، ونانسي بيلوسي، وهاري ريد. وبالتالي فإن احتمالات فوز المرشح الجمهوري بانتخابات 2008 ليست سيئة.

خلاصة القول هي: إذا نجح بيترايوس في العراق، وفاز المرشح الجمهوري بانتخابات 2008، فسينظر إلى بوش كرئيس ناجح.

فإنني أحب الاحتمالات.

 

* وليام كريستول

«واشنطن بوست» بالاتفاق مع «الجريدة»