الأنف ليس أنف أسامة بن لادن الحقيقي الأفطس قليلاً، واللحية ليست لحيته التي اشتهر بها، ومحاجر العينين ليست هي محاجر العينين، وهذا يعزز الشكوك بأن هذا الشخص الذي ظهر على شاشات فضائيات العالم كلها، هو ليس ذلك الشخص الذي نعرفه... وكل شيء جائز وعلم الجراحة بات يخلق من الشبه أربعين!هل أسامة بن لادن، الذي ظهرت صورته في شريط «الفيديو» الذي تداولت بثه الفضائيات العالمية كلها، هو أسامة بن لادن نفسه رغم أن اللحية التي ظهر بها هذه المرة هي غير لحيته المعروفة التي خطها الشيب والتي كانت تبدو أطول من لحيته الحالية الحالكة السواد الجديدة بنحو مقدار قبضتين؟!
الأنف ليس أنف أسامة بن لادن الحقيقي الأفطس قليلاً، واللحية ليست لحيته التي اشتهر بها وخطها الشيب، والتي كانت مدببة عند نهاياتها، بينما هذه الجديدة دائرية... ومحاجر العينين ليست هي محاجر العينين، وهذا يعزز الشكوك بأن هذا الشخص الذي ظهر على شاشات فضائيات العالم كلها، هو ليس ذلك الشخص الذي نعرفه... وكل شيء جائز وعلم الجراحة بات يخلق من الشبه أربعين!
كان لـ «صدام حسين» شبهاء وبدلاء كُثر... فبينما كان هذا، الذي لم يحفظه الله، يسترخي في «قبو» أحد قصوره، كان شبيهه يقطع نهر دجلة في منطقة «العوجة» سباحة أو كان يستعرض الجماهير «الغفورة»، وهو يطلق الرصاص من بندقية يرفعها بيد واحدة، أو كان يمر بشارع امتلأ بالمخبرين والعسس، وهو يحيي الجماهير بطريقة مستنسخة عن طريقة «أدولف هتلر» مع بعض التعديلات الطفيفة التي تلائم القامة الصدامية «العِلْجيَّة».
يقال إن ستالين كان أبرع من عرفهم التاريخ في التخفي واستخدام الشبهاء والبدلاء، ويقال إن بدلاءه وشبهاءه كانوا بالمئات وليس بالعشرات، ويقال إنه عندما كان مُسجىً في «الكرملين» بعد وفاته لم يجرؤ أيٌّ من أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي «حزب لينين العظيم»! الاقتراب منه ليتأكد من وفاته خوفاً من أن يكون هذا الموت هو أحد ألاعيب الدكتاتور الطاغية وخوفاً من أن الميت، حتى إن كانت الميتة حقيقية، هو أحد البدلاء الذين جرى تمويتهم بالقوة خدمة للرفيق الزعيم الأوحد!
لقد كان الأبرع في التخفي من بين قادة الثورة الفلسطينية كلهم هو الدكتور وديع حداد الذي قيل أنه كان تحدى مدير المخابرات العراقية، عندما كان يقيم في بغداد، بعد أن أصبح مطلوباً في معظم دول العالم بعد موجة الطائرات المخطوفة في نهايات ستينيات وبدايات سبعينيات القرن الماضي، قيل إنه يستطيع الخروج من العاصمة العراقية والعودة إليها من دون أن يُكْتَشفَ أمْر لا خروجه ولا دخوله.
وتقول هذه الرواية الصحيحة إن وديع حداد، الذي كانت تتبع له دائرة مختصة في تزوير جوازات السفر من الأنواع والأشكال جميعها، والذي كان يعاونه طاقم مـــن المختصين في فنون «الديكور» البشري وتغيير هيئته وشكله في اليوم الواحد مرات عدة وخصوصا خلال السفر، قد نجح في تحدي مدير مخابرات صدام حسين، وكان ثمن هذا النجاح أن جرى قتله بالسم الزعاف الذي يقْتل ببطء وبصورة تدريجية... وخطوة خطوة.
وعلى خُطا الدكتور وديع حداد سار صبري البنا (أبو نضال) الذي انشق على رأس تنظيم، عمل في مرحلة من المراحل لحساب المخابرات العراقية في عهد صدام حسين وفي عهد سلفه أحمد حسن البكر، اتخذ لنفسه اسماً هو «حركة فتح المجلس الثوري»... على غرار حركة «فتح الانتفاضة» وحركة «فتح الإسلام»، ويقال إن البنا هذا كان قد ذهب إلى الولايات المتحدة في بدايات ثمانينيات القرن الماضي، للاستشفاء، بجواز سفر مزور وبهيئة غير هيئته الحقيقية، وانه أجرى عملية ناجحة في أحد أهم وأكبر المستشفيات الأميركية، وانه أمضى هناك نحو شهرين ثم عاد إلى ليبيا، حيث كان يقيم في تلك المرحلة، من دون أن يُكتشف أمره أو يتعرف عليه الأميركيون... ولذلك فإنه بالإمكان التساؤل هل يا ترى أن هذا الذي ظهر في شريط الفيديو يوم الجمعة الماضي هو فعلاً أسامة بن لادن نفسه؟!
* كاتب وسياسي أردني