كان يوم 6 أبريل 2008 هو ذكرى مرور 10 سنوات على تأسيس «سيتي جروب» Citigroup، الذي نتج من اندماج المؤسسة المالية «سيتي كورب» Citicorp مع شركة التـأمين «ترافيلر» Travelers Insurance، ولكن هذه الذكرى لم تكن حدثا سعيدا، لأن سعر سهم «سيتي جروب» اليوم أقل مما كان عليه وقت الاندماج بنحو 10 دولارات . وبذلك يعتبر «سيتي جروب» من أسوأ صفقات الاندماج التي تمت في تاريخ أميركا المعاصر.

Ad

كان الهدف من الاندماج في أبريل 1998 خلق مؤسسة مالية تلبي جميع حاجات المستثمرين في مكان واحد يسمى «السوبر ماركت» المالي، ولكن لم يتمكن «سيتي جروب» من تحقيق ذلك بنجاح في السنوات العشر الماضية، وذلك لعدة أسباب منها: 1 - تعاقب الإدارات على المؤسسة في فترة زمنية قصيرة، فمنذ فبراير 2002 تم تغيير الإدارة 10 مرات.

2 - سوء الإدارة على مدى السنوات، والتي لم تستطع تجنب أي من الأزمات المالية، فوقعت في أزمة تلو الأخرى، مثل أزمة ديون الدول النامية في الثمانينيات، ثم مشكلة شركة أنرون في عام 2001، وأخيرا الأزمة الحالية وهي خسائر الرهن العقاري.

3 - التكاليف الباهظة للمؤسسة، حيث يوظف المصرف 374,000 شخص في 100 دولة في العالم.

4 - التكنولوجيا المستخدمة قديمة ولا تواكب التكنولوجيا في المصارف الأخرى المنافسة لـ«سيتي جروب».

ويعترف جون ريد John Reed - الرئيس السابق لـ«سيتي جروب»، والذي تمت في عهده صفقة الاندماج - بأن اندماج المؤسسة المالية وشركة التأمين قبل 10 سنوات كان «غـلطـة» ، وأن هذا الاندماج للأسف لم ينتج الفوائد المرجوة منه، حيث لم يستفد من هذه الصفقة مستثمرو المؤسسة ولا موظفوها، ولا حتى عملاء المصرف، وذلك لأن مؤسسة سيتي جروب اليوم أضعف مما كانت عليه بعد سنتين من الاندماج.

يقول أحد خبراء الاستثمار: «إن معجزة مؤسسة سيتي جروب أنها مازالت قائمة كما هي رغم تعاقب الإدارات السيئة عليها» .

ويتجلى سوء الإدارة في المؤسسة في أزمة الرهن العقاري، حيث أظهرت نتائج الربع الأول للعام الحالي أن خسائر «سيتي جروب» هي الأعلى بين البنوك الأميركية، حيث سجل المصرف خسائر صافية في الربع الأول بمقدار 5 مليارات دولار، بعدما خسر ما يقارب 41 مليار دولار من أزمة الرهن العقاري منذ بدايتها في منتصف عام 2007، وعليه يكون «سيتي جروب» هو الخاسر الأكبر في العالم من أزمة الرهن العقاري - حتى الآن.

وبرغم سوء الإدارة التي عرف بها «سيتي جروب»، والذي أدى إلى تورطه وخسارته المتكررة في أزمات مالية متعاقبة، وكذلك خسارته لحقوق المساهمين على مدى 10 سنوات، تأتي الصناديق السيادية من دول الخليج وشرق آسيا ومن ضمنها الهيئة العامة للاستثمار في الكويت، وتستثمر به في مطلع هذا العام، وذلك قبل أن تتضح خسائر المصرف النهائية من أزمة الرهن العقاري والتي مازالت مستمرة، ومازال «سيتي جروب» نفسه يجهل مدى حجمها!

حقاً إن لدى «سيتى جروب» معجزة !