التعليم المشترك... والدفاع عن المجتمع المدني
الديموقراطية نظام متكامل لا يمكن تجزئته. فالنظام الديموقراطي يضمن حقوق الأفراد جميعهم ويمنحهم حرية الاختيار، كما يدافع عن حقوق الأقلية ويوفر لها الضمانات اللازمة للتعبير عن وجهة نظرها.
لماذا الدفاع عن التعليم المشترك؟ هل هو رغبة في التعليم المشترك بحد ذاته؟ أم هو دفاع عن المجتمع المدني أيضاً؟ للإجابة عن هذا السؤال يمكننا القول إن الدفاع عن التعليم المشترك كحق دستوري هو في الحقيقة دفاع عن المجتمع المدني الديموقراطي الذي يوفر لأفراده حرية الاختيار كمبدأ ديموقراطي، فمن أراد التعليم المشترك لأبنائه حصل عليه ومن رغب في تعليمهم في مدارس منفصلة يستطيع أن يحقق ذلك.نحن إذن في دفاعنا عن التعليم المشترك ندافع عن مبدأ ديموقراطي لا ينكره إلا من لا يؤمن بالديموقراطية كنظام حكم. لذلك ليس بالضرورة أن تؤيد التعليم المشترك لكي تدافع عن الحق الدستوري الديموقراطي لمن يريد أن يلحق أبناءه به، والعكس صحيح أيضا فليس بالضرورة أن تؤيد التعليم المنفصل لكي تدافع عن حق من يريده لأبنائه. لماذا؟... لأن الديموقراطية نظام متكامل لا يمكن تجزئته. فالنظام الديموقراطي يضمن حقوق الأفراد جميعهم ويمنحهم حرية الاختيار، كما يدافع عن حقوق الأقلية ويوفر لها الضمانات اللازمة للتعبير عن وجهة نظرها. خذ كمثال هنا الأقليات المسلمة في الدول الغربية الديموقراطية التي يُسمح لها بالتظاهر والاحتجاج وتنظيم المسيرات للتعبير عن وجهات نظرها في القضايا التي تهمها مثل قضية الحجاب في فرنسا وغيرها. ولو طبقنا معايير الرأي الأوحد التي تبنتها جمعية الإصلاح الاجتماعي «الواجهة الرسمية لحزب الإخوان المسلمين» وعباراتها الجارحة التي حواها بيانها الأخير المتعلق بموقفها من مؤيدي التعليم المشترك، لتحولنا إلى مجتمع دكتاتوري شبيه بالوضع الذي كان سائداً في العراق أيام حكم المقبور صدام حسين!! إن النظام المدني الديموقراطي الذي بيّنه دستور 1962، يتيح لجمعية الإصلاح التعبير عن وجهة نظرها، ولكنه يلزمها أيضاً باحترام وجهات النظر المعارضة لوجهة نظرها، فالتعددية الفكرية والسياسية هي أحد مرتكزات النظام الديموقراطي. لذلك، فإن من يضيق ذرعاً بتعبير الناس عن وجهات نظرهم فهو حتما لا يؤمن بالديموقراطية كنظام ومنهج حياة.والآن، وفي أجواء المحاولات غير الديموقراطية لفرض الرأي الأوحد، دعونا نقرأ سوياً مقتطفات مختارة من قصيدة نثرية جميلة وصلتنى بالبريد الإلكترونى وللأسف لم يذكر كاتبها ولم يسعفني الوقت لمعرفته وهي بعنوان:«هل تسمحون لي؟»في بلاد يغتال فيها المفكرون، ويكفّر الكتاب وتحرق الكتب، في مجتمعات ترفض الآخر، وتفرض الصمت على الأفواهوالحجر على الأفكار، وتكفر أي سؤال، كان لابد أن أستأذنكم أن تسمحوا لي .......فهل تسمحون لي أن أربي أطفالي كما أريد، وألا تملوا عليّأهواءكم وأوامركم؟ هل تسمحون لي أن أعلم أطفالي أن الدين لله أولا، وليس للمشايخ والفقهاء والناس؟هل تسمحون ليأن أقول لابني الشاب إن إيذاء الناس وتحقيرهم لجنسيتهم ولونهم ودينهم، هو ذنب كبير عند الله؟هل تسمحون ليأن أعلم ابني أن الاقتداء بالرسول يبدأ بنزاهته وأمانته وصدقه، قبل لحيته وقصر ثوبه؟هل تسمحون لي أن أجاهر، أن الله لم يوكل أحدا في الأرض بعد الرسول لأن يتحدث باسمهولم يخول أحدا بمنح «صكوك الغفران» للناس؟هل تسمحون لي أن أعلم أولادي أن الله أكبر وأعدل وأرحم من كل فقهاء الأرض مجتمعين؟ وأن مقاييسه تختلف عن مقاييس المتاجرين بالدين،وأن حساباته أحن وأرحم؟