وجهة نظر : البورصة بيئة خصبة للإشاعة!
بدأ تداول الأوراق المالية في الكويت مع نشأة اولى الشركات المساهمة العامة سنة 1952، ومضى على التنظيم الرسمي لنشاط التداول بهذه الأوراق اكثر من اربعين سنة، اي أن للكويت قصب السبق في هذا المجال على المستوى الاقليمي، فكل الاسواق المالية النشطة الآن في دول مجلس التعاون، لم تنشأ إلا في ضوء تجربة السوق الكويتي، وما زال سوق الكويت للأوراق المالية رائداً من حيث حجم الرسملة السوقية والعمق المتمثل في عدد الشركات المدرجة وعراقة العديد منها، خصوصا منها تلك التي تعود نشأتها إلى عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.وعلى الرغم من ذلك، نجد أن بعض الأسواق الناشئة في الخليج، أي التي ولدت بعد سوق الكويت بسنوات عدة، قد تطورت تطورا لافتا من حيث قدرتها على توفير المعلومات والبيانات الضرورية للمساهمين والمتداولين في هذه الأسواق عن الشركات المدرجة بها، سواء من حيث كم هذه المعلومات والبيانات، او من حيث طريقة عرضها وتبويبها وسهولة الوصول إليها والإفادة منها، بينما ما زال سوق الكويت للأوراق المالية غير قادر على توفير مثل هذا القدر من المعلومات والبيانات عن الشركات المدرجة، بل غير قادر على تحديث بيانات ومعلومات الشركات على قلّتها بالسرعة الكافية، فمن غير المعقول أن تقتصر البيانات المالية المتاحة عن بعض الشركات المدرجة، في الموقع الالكتروني الرسمي للسوق، على بيانات سنوية فقط ولعام 2006، ونحن نقترب من منتصف عام 2008.
ولا حاجة لنا في هذا المقام أن نؤكد على أهمية المعلومات والبيانات، ونحن في عصر المعلومات، ومن المؤكد أن إدارة السوق تدرك هذه الأهمية وتعي اولوياتها ودورها في تطوير أداء السوق والارتفاع بمستوى الكفاءة فيه. إن هناك - لا شك - حاجة ماسة إلى بيوت التحليل الاقتصادي والمالي المستقلة والقادرة على توفير البيانات والمعلومات للمساهمين، وهذه للأسف قليلة، بل نادرة الوجود في الكويت، ويفرض بعض منها رسوماً مبالغا في قيمتها من أجل الوصول إلى البيانات أو المعلومات، وقد يوفر البعض منها بيانات غير دقيقة أو معلومات موجهة لخدمة شركات أو مصالح معينة.ويلقي غياب أو ضعف مثل هذه المصادر المستقلة للبيانات والمعلومات مسؤولية أكبر على عاتق إدارة السوق، إذ تصبح هي الجهة شبه الوحيدة المسؤولة مسؤولية مباشرة عن توفير المؤشرات المالية الدقيقة والمقارنة بالسرعة اللازمة.وإذا اضفنا إلى كل ذلك غياب المؤشرات الاقتصادية العامة على مستوى الاقتصاد الكلي والقطاعي، بسبب ضعف قدرة الجهات الحكومية المسؤولة عن توفير هذه المؤشرات في الوقت المناسب، تصبح بيئة السوق المحلي بيئة خصبة لرواج الاشاعات، وشيوع الممارسات المضاربية الخطرة، مما يزيد من ضعف كفاءة السوق ويضاعف من مخاطر التداول فيه.