Ad

المعروف أن مصر مستهدفة على اعتبار أنها الحلقة الأقوى في السلسلة العربية، وأن إيران ومعها حلفها المعروف هي التي تستهدفها من أجل إرباكها وإضعافها وليصبح بالإمكان تمرير مشروعها الإقليمي الذي استطاع وللأسف أن يحقق رؤوس جسورٍ له في العراق ولبنان وفلسطين (في غزة) وفي دول عربية أخرى.

آخر ما صدر عــن حركة «حماس» هو تهديد مصر بـ«انفجارٍ وشيك وغير مسبوق» في اتجاه حدودها مع غزة والمبرر هو الحصار الإسرائيلي... وهكذا فإن هذه الحركة التي تستجدي الوصال بإسرائيل استجداءً وإسرائيل تواصل الصدَّ و«الممانعة» ترتد لتفرِّغ سمَّها في دولة عربية الكلُّ يعرف أنها قدَّمت لفلسطين مئات الألوف من الشهداء، وأنها خاضت أربع حروب طاحنة من أجل هذه القضية.

لقد ثبت أن اجتياح الحدود المصرية مع غزة في تلك الحادثة المعروفة كان مؤامرة نفذتها حركة «حماس» بتخطيط وتوجيه من قبل الحلف الإيراني المعروف لإحراج مصر ولمضاعفة الضغط عليها لإرباكها، بينما هي تواجه تحديات داخلية كثيرة بعضها تفجر في هيئة الأحداث الأخيرة وبعضها الآخر لايزال نائماً... وهذا يثبت أن هدف الانقلاب العسكري الذي قامت به هذه الحركة في منتصف يونيو العام الماضي 2007 هو إنشاء رأس جسرٍ أمني لـ«اطلاعات» الإيرانية في الخاصرة المصرية.

هناك الآن محـاولات دؤوبة يلتقي في إطارها الإخوان المسلمون مع حركة «حماس» ومع «اطلاعات» الإيرانية و«فيلق القدس»، ولو بصورة غير معلنة وغير مباشرة لاختراق الجبهة المصرية من الداخل ولاصطياد السمكة الكبيرة في البحيرة العربية، ولهذا فإنه يجب ألا يكون مستغرباً أن تأتي التفجيرات السياسية الداخلية في مصر مباشرة بعد مؤامرة اجتياح حدود غزة مع منطقة العريش وسيناء التي كانت عملية عسكرية وأمنية جرى التخطيط لها في الخارج واستخدمت مأساة فلسطين والشعب الفلسطيني وقوداً لها.

لماذا لا توجه حــركة «حماس» هجومها الجماهيري الذي تهدد به مصر مجدداً إلى معبر «إيرتز» الإسرائيلي لتحرج إسرائيل بدل إحراج دولة عربية ولتظهر للعالم أن الاحتلال هو سبب ما يعانيه الفلسطينيون من ويلات وكوارث سواء في قطاع غزة أو في الشتات والمهاجر أو في الضفة الغربية؟!

إن المعروف أن حركة «حماس» التي جاءت إلى ساحة المقاومة متأخرة لأكثر من عشرين عاماً كانت مشروع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في الساحة الفلسطينية، ولهذا فإنه يجب ألاَّ يكون مستغرباً أيضاً أن يتم توظيف هذه الحركة، التي من المفترض أنها حركة فلسطينية لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي، لتكون أداة بيد «إخوان» مصر ولتفتح جبهة خارجية ضد نظام الرئيس حسني مبارك الذي يكرس معظم جهوده وجهود بلده للفلسطينيين وقضيتهم كلما تحرك هؤلاء، وافتعلوا مواجهة مع الداخل المصري على غرار ما حصل في الفترة الأخيرة.

وهنا فإن المعروف أن مصر مستهدفة على اعتبار أنها الحلقة الأقوى في السلسلة العربية، وأن إيران ومعها حلفها المعروف هي التي تستهدفها من أجل إرباكها وإضعافها وليصبح بالإمكان تمرير مشروعها الإقليمي الذي استطاع وللأسف أن يحقق رؤوس جسورٍ له في العراق ولبنان وفلسطين (في غزة) وفي دول عربية أخرى تفرض عليها أوضاعها أن تلوذ بالصمت وأن تتقبل الطعنات المتلاحقة من دون أن ترفع صوتها ولو بكلمة واحدة.

هناك الآن خط إمداد وتمويل ونقل أسلحة ومتفجرات ينطلق من إيران في بعض الأحيان ومن مناطق جنوب العراق في أحيان أخرى، وبعد أن يمر بعاصمتين عربيتين إحداهما إفريقية والأخرى آسيوية يعبر البحـر الأحمر في اتجاه سيناء ليصل إلى قطاع غزة الذي حــوله انقلاب «حماس» إلى جرحٍ راعف ليس في الخاصرة الإسرائيلية وإنما في الخاصرة المصرية... والدليل هو هذه التهديدات الأخيرة التي أطلقتها هذه الحـركة ومعها فصائل أخرى لها نصيب في «المال الحلال»!! الذي يأتي عبر هذه الرحلة الطويلة.

* كاتب وسياسي أردني