تردد إسماعيل السيد إمام، كثيراً قبل أن يقبل إجراء هذا الحوار المطول عن حياة والده، ولم يقتنع بالرد على أسئلتي من مقر إقامته في اليمن إلا بعد أن لاحظ حجم المعلومات المغلوطة التي تتردد عن أبيه على مئات المواقع الإلكترونية التي تنقل جميعها عن «الجريدة» نصوص الوثيقة التي كتبها سيد إمام، من دون أن يملك أي منها معلومات عن الأسباب الحقيقية التي دفعته إلى مراجعة أفكاره السابقة.

Ad

يفخر إسماعيل بأنه نجل الدكتور فضل بتاريخه العريق في الحركة الجهادية، ويزهو أكثر بموقفه الجديد الذي يدعو فيه إلى حقن دماء المسلمين والتوقف عن العنف، فكتب إجاباته على هيئة مقال مطوَّل، رأينا أن ننشره مع الأسئلة على حلقات ثلاث لظروف المساحة.

وفي ما يلي نص الحلقة الأولى من هذا الحوار المهم:

• على الرغم من شهرة والدك في أوساط الجماعات الجهادية، فإنه غير معروف بشكل كافٍ لدى كثيرين، هل يمكن أن تلقي الضوء للقراء على نشأته، والظروف التي أدت إلى التحاقه بتنظيم «الجهاد» لا سيما أن هناك تضارباً لدى الباحثين بشأن هذه المعلومات؟

لقد تابعت خلال الأشهر السبعة السابقة الأنباء التي تسربت عن قيام والدي (الدكتور سيد إمام الشريف) سدد الله خطاه، بعملية تصحيح شاملة، ونقد للفكر الجهادي المعاصر، وأستطيع أن أقول إنني قد اطَّلعت على كل ما نُشر للمختصين من مقالات، وما نشرته الصحف من أخبار، وتابعت -بكثير من الدهشة- كثيراً من المعلومات المغلوطة التي نشرت، إذ إن كثير من الناقلين لا يكلفون أنفسهم عناء التثبت من مصادرهم، أو البحث عن المعلومات الصحيحة، وربما كان هذا بسبب قلة ظهور والدي العلني، وندرة المعلومات عنه، وأغلب المعلومات التي نشرت عنه لم تتعد كونها تخمينات باستثناء القليل غير المكتمل.

ولد والدي يوم 8 أغسطس من عام 1950، في مدينة بني سويف جنوب القاهرة لأسرة محافظة وملتزمة من الأشراف، تمتد جذور شجرة العائلة لتصل إلى نسب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وترجع أصولنا إلى قرية ببا في بني سويف، كان جدي عبدالعزيز -رحمة الله عليه- يستقر في مدينة بني سويف مع جدتي -أطال الله عمرها- ويعمل في سلك التعليم ناظراً لمدرسة في بني سويف.

بدأ والدي بحفظ القرآن الكريم منذ صغره، وتعلم من جدي أهمية العلم والقراءة، سواء العلوم الدينية أو الدنيوية، وهو ما سار عليه والدي بشكل متوازن طوال حياته، فقد كان للوالد ورد يومي للقرآن بعد صلاة الفجر حتى الإفطار، ثم الذهاب إلى عمله كطبيب في المستشفى، وقد كان يعمل «دوامين»، في الصباح وبعد العصر، وكان الوالد يختم القرآن حفظاً عن ظهر قلب كل سبعة أيام بشكل دوري، ويصوم كل اثنين وخميس، وكان متفوقاً ونابغة منذ صغره، وقد قال لنا إنه تعلم أسلوب البحث العلمي في مرحلة مبكرة، وكانوا يكلفونه بعمل أبحاث، فتعلّم مطالعة المراجع الكبيرة بمكتبة المدرسة، وكان من أوائل الجمهورية في الثانوية العامة بمجموع يفوق %94 عام 1968، مما أهَّله للالتحاق بكلية طب القاهرة، وفي كلية الطب كان لا يذاكر من المذكرات، وإنما من المراجع الكبيرة، وكان دائماً من أوائل دفعته، ولهذا تم تعيينه في الكلية نائباً بقسم الجراحة بقصر العيني عقب تخرجه عام 1974.

كانت الدراسة الجامعية تحولا في مسار حياة والدي إلى التدين والالتزام بمزيد من المظاهر الإسلامية، وقد لاحظت عند ذهابي إلى مصر مكتبة متنوعة من الكتب الدينية، فقد كانت بدايته بالتركيز على القراءات الدينية في تلك المرحلة، وكان والدي يحصل على مكافأة تفوّق مالية كبيرة وكان ينفق معظمها على شراء الكتب الدينية التي قرأ الكثير جداً منها مع دراسته التعليمية وتفوقه فيها، وكان والدي يحصل على مكافأة تفوق منذ كان في أولى ثانوي وحتى تخرجه من الجامعة. وكان والدي يحضر حلقات العلم مع بعض رفاقه في أول مجموعة من مجموعات الجهاد في مصر عام 1968، وكان أبرزهم الدكتور أيمن الظواهري والدكتور أمين الدميري، ومن أهم الذين أثروا بكتاباتهم في والدي، الأستاذ سيد قطب -رحمة الله عليه- وشيخ الإسلام ابن تيمية، الذي كان كثيراً ما يستشهد به والدي خلال أحاديثه، كما حفظ والدي أيضاً صحيحَي الإمامين البخاري ومسلم، وحفظ مذاهب الفقه الأربعة وقواعد اللغة العربية، وقرأ كثيراً في كتب السياسة وكتب التاريخ وغيرها.

وكان والدي لا يثق إلا بكتابات السلف، وكان لا ينصح بقراءة كتب المعاصرين، وكان يقول من يقرأ كتب السلف يعرف أن كتابات المعاصرين ضعيفة، وفيها أخطاء أحياناً قد تكون فاحشة، وهذا في الغالب، وحتى كتُب سيد قطب -رحمه الله- رغم شهرتها لدى الإسلاميين، كان والدي يقول عنها إنها كتب ثقافة وليست كتب علم شرعي.

ولكن والدي كان دائماً يسير بشكل متوازن في حياته بين دينه ودنياه، فإذا سألت عنه في الدين فهو موسوعة وعلم من الأعلام، وإذا سألت عنه في عمله الدنيوي كطبيب بشري جراح فهو نابغة فيه، ولم يكن والدي يكتفي بورده اليومي من القرآن أو بعمله كطبيب، بل إنه بعد أن يعود من عمله في المساء يقوم بمراجعة القرآن معنا يومياً بالحفظ، ولهذا فإننا بفضل الله كلنا -أنا وإخوتي- نحفظ القرآن كاملاً، وليس القرآن فقط فقد كان والدي يذاكر لنا اللغة الإنكليزية ومادتي الرياضيات واللغة العربية بشكل محكم ويتابع كل أمورنا اليومية وأمور دراستنا، كل هذا وهو دائماً يقرأ في كتاب، إما طبي وإما ديني أو يكتب مقالاً أو يؤلف كتاباً، فقد تعلم والدي من جدي -رحمة الله عليه- البيتين الشعريين لأمير الشعراء أحمد شوقي:

العلم يرفع بيتا لا عماد له

والجهل يهدم بيت العز والشرف

بقدر الكد تكتسب المعالي

ومن طلب العلا سهر الليالي

وقد كان هذا هو سر تميزه الدائم الذي جعله يجمع بين كفاءته الطبية العالية ونبوغه الديني الواسع، فلم أر والدي أبداً فارغ اليدين، فهو إما يعمل وإما يقرأ وإما يعبد الله، وكانت الصلاة جماعة في المنزل شيئاً عودنا عليه، كل هذا كان بالتوازن مع والدتي العظيمة التي كان لتدينها والتزامها مع والدي أبلغ الأثر في تربيتنا وتنشئتنا نشأة دينية جادة، حتى غدونا ناجحين في دراستنا والحمد لله.

• وكيف انضم إلىى تنظيم الجهاد؟ ما الذي دفعه إلى هذا الطريق خصوصا أنه كما هو معروف واحد من مؤسسي أول خلية في التنظيم؟

آمن والدي في بداية حياته بالجماعات الإسلامية وضرورة العمل الإسلامي الجماعي لتغير الواقع، وهو ما جعله من الأعضاء المؤسسين لأول مجموعة جهادية في تاريخ مصر مع رفيقه الدكتور أيمن الظواهري عام 1968، وكان يلقى المحاضرات والدروس الدينية على أعضاء الجماعة الجدد ويقومون بمحاولات لتغيير المذكرات كل في مجال عمله وبالنصح بالحكمة والموعظة الحسنة، وأيضاً كان هناك نوع من التدريب البدني والعسكري، وكانت طبيعة والدي بشكل عام تؤثر الاهتمام بالأمور الدينية والعلمية والبعد بشكل عام عن الأمور التنظيمية وكثرة الاختلاط بالناس بما لا يفيد أو يعتبر مضيعة للوقت بدون تقصير في حقوق أحد أو انتقاص منها، لأنه كان يرى أن ما يدوم نفعه للمسلمين هو العلم الشرعي، وأيضاً لطبيعة الأعمال التي يقوم بها وتتطلب السرية، وهو ما جعل القليل يعرفون عنه، وأيضاً يتميز والدي بالكتمان والسرية حتى بالنسبة إلينا في أشياء كثيرة ولا سيما فيما يخص العمل السياسي أو الحركي.

حصل والدي على الماجستير في الجراحة العامة وجراحة التجميل والحروق عام 1978، بتقدير متفوق مع مرتبة الشرف، وعمل فيما بعد حتى أواخر عام 1981، مدرساً مساعداً في جامعة قناة السويس.

• هل يعني ذلك أن والدك كان موجوداً في مصر عند اغتيال السادات، إذ إن هذا يخالف الشائع من أنه غادر مصر قبل الحادث وأنه لهذا السبب حصل على حكم بالبراءة من قضية الجهاد؟

بعد اغتيال الرئيس السادات لم يكن والدي أو الدكتور أيمن يوافقان على ذلك فقد كانا يريانه تهوراً واستعجالاً، وهو ما جعلهما يذهبان إلى المقدم عبود الزمر بعد حادث الاغتيال ليطلبوا منه عدم تطوير الأمور أكثر من اللازم، وبعدها بحوالي أسبوعين ألقى القبض على الدكتور أيمن، فاضطر والدي إلى الهروب والاختفاء نظراً إلى الملاحقة الأمنية التي تعرض لها وقتها.

غادر والدي مصر في منتصف عام 1982، بشكل سري إلى الأردن عن طريق ميناء العقبة، ومكث في عمان فترة بسيطة، ومن الأردن توجه إلى أبوظبي عاصمة الإمارات وعمل فيها فترة ستة أشهر كمدير لوحدة صحية تابعة لأحد آبار التنقيب عن النفط، ثم توجه إلى بيشاور في باكستان في عام 1983، لاستكشاف الوضع هناك، وذلك بناء على الدعوات التي كانت تتحدث عن حاجة المجاهدين إلى العمل الطبي التطوعي، وبهذا يعتبر والدي من أوائل العرب على الإطلاق الذين وطأت أقدامهم بيشاور قبل الدكتور أيمن الظواهري، فلم يتوافد الإخوة إلا منذ عام 1986 وما بعده.

أعجب والدي بالوضع هناك، وبالحرية الموجودة والتدين الواضح للشعب الباكستاني وحبهم الشديد للعرب فيكفي أن تقول كلمة (عربيان) يعنى أنك عربي حتى تفتتح لك الأبواب، فنظرتهم إلى العرب على أنهم أحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم ويحبونهم ويحترمونهم جدا، فاستقر والدي هناك، وعمل جراحاً في عدة مستشفيات تابعة لأحزاب الجهاد الأفغاني (رباني وحكمتيار) ثم بعد ذلك في المستشفيات التابعة لجمعية الهلال الأحمر الكويتي كطبيب جراح، وباشر عمله كطبيب بعيداً عن العمل السياسي أو الحركي في ذلك الوقت، وقام بزيارات قصيرة إلى أفغانستان في إطار العمل الطبي الخيري، وأنشأ عدة مراكز إسعافية لاستقبال الجرحى المجاهدين على الحدود بين باكستان وأفغانستان، ودرَّب الأطباء والممرضين.

كان ترتيب والدي في قضية الجهاد الكبرى القضية رقم 462 للعام 1981 هو رقم (191) وحكم عليه فيها غيابياً بالبراءة عام 1984، وكان هو أحد الثمانية الذين حوكموا غيابياً وبقية السبعة كانوا وقتها خارج مصر للحج أو لأمور أخرى وقت حادث المنصة، وهو الوحيد الذي تمكن من الهروب حينئذ إلى خارج مصر.

وفور صدور حكم البراءة ذهب والدي من باكستان إلى السعودية عام 1984، لأداء فريضة الحج، ومن ثم اصطحب والدتي معه، والتي كانت قد سافرت قبل عامين من مصر إلى السعودية لتقيم عند خالي المقيم هناك بانتظار أن تنفرج أمور والدي، ليعودا سوياً إلى بيشاور في باكستان.

• هل ولدت أنت وإخوتك هناك في باكستان في ظل ظروف الجهاد ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان؟

ولدت في شهر فبراير عام 1985، في بيشاور، وهناك ولد كل إخوتي.. لي من الإخوة ثلاث ومن الأخوات اثنتان، ونشأتنا بدأت هناك ودرسنا في مدارس عربية أهمها مدرسة الأنصار الشهيرة التي كان يذهب إليها كل أبناء الجالية العربية الكبيرة هناك ومن كل الجنسيات، وكنا نذهب في الإجازة الصيفية لحفظ القرآن الكريم والحديث الشريف اللذين أتمهما والدي لنا فيما بعد.

• في بيشاور وفي ظروف القتال أعيد تأسيس تنظيم «الجهاد» وصار والدك أميراً له. كيف حدث هذا التطور؟

فيما بعد بدأ الإخوة بالتوافد على بيشاور، إذ كان الأمن حينئذ يسمح لهم بالسفر خارج مصر، ولا سيما بعد أن انتهت القضية في المحكمة وخرج أغلبهم من السجون، وبالطبع كان والدي هناك في استقبالهم، وأهم وأشهر المقربين وقتها من والدي - والذين كانوا يترددون عليه بصفة مستمرة والذين تسعفني ذاكرتي بهم -الدكتور أيمن الظواهري وكنت أعرفه بوصفه «الدكتور عبد المعز»، وشقيقه الأخ محمد الظواهري «أبو أيمن» وهو معتقل مع والدي حالياً، والأخ صبحي أبو ستة «أبو حفص» رحمة الله عليه واستشهد في قصف جوي على مخبئه في أفغانستان عام 2001، واستشهد معه في قافلة لأهل الإخوة زوجة الدكتور أيمن وابنه الوحيد محمد ومعهم زوج ابنته الكبرى، وأيضاً عرفت الأخ علي الرشيدي «أبو عبيدة البنشيري» -رحمة الله عليهم- واستشهد غرقاً في بحيرة فيكتوريا عام 1995، وأيضاً الأخ عبد العزيز الجمل «أبو خالد» معتقل مع والدي، والأخ محمد شرف «أبو الفرج اليمني» معتقل مع والدي، والأخ ياسر السري «أبو عمار» مقيم في لندن، والأخ رفاعي طه «أبو ياسر» وغيرهم الكثير.

سافر والدي إلى السعودية عام 1987 لأداء فريضة الحج واصطحبنا معه، وكانت هذه فرصة كي يلتقي والدي ووالدتي بأهلهما، فقد حضرت جدتاي وبعض أعمامي وأخوالي، وتلك كانت آخر مرة يلتقي بهم والدي حتى ترحيله إلى مصر فيما بعد.

في أواخر 1986 تجمع إخوة الجهاد المصريون في باكستان وأنشأوا جماعة الجهاد وكان والدي موجهاً شرعياً لهم، وكان والدي معروفاً حينئذ باسم الدكتور فضل واشتهر بهذا الاسم في بيشاور، وكانت له علاقات كثيرة من أناس كثيرين ولا سيما أنه في تلك الفترة أصبح المدير العام لمستشفى الهلال الأحمر الكويتي، وعمل أيضاً في عدة مستشفيات أخرى.

أيضاً رغم أن والدي يتميز بالسرية وقلة الظهور، فإنه كان كريماً ومضيافاً، وكانت الولائم والضيافات تقام بشكل دائم في منزلنا، سواء للإخوة أو لأطباء في العمل أو لقادمين من سفر، وكانت علاقاتنا الاجتماعية في الغالب كأسرة مقتصرة على المصريين هناك بشكل عام، والإخوة بشكل خاص.

• ما معلوماتك عن هذه الفترة؟

كان والدي يحدثنا عن أيام الجهاد الأفغاني ضد الشيوعيين، وكان يقول: إن الشيخ أسامة بن لادن كان يجمع أموال التجار في السعودية ويعطيها للشيخ عبد الله عزام لأن كليهما من «الإخوان المسلمين»، وأن الشيخ عبد الله عزام رفض أن يشكِّل تنظيماً من المجاهدين العرب، ثم بعد ذلك توقف بن لادن عن الدفع للشيخ عزام واستعمل هذه الأموال في إنشاء تنظيم القاعدة، وأن جماعة الجهاد ساعدته حتى لا تصبح القاعدة تنظيماً مغلقاً على الإخوان المسلمين.

وكان يروي كيف أن كل المعارك التي خاضها العرب وحدهم بدون دعم من الأفغان ضد الشيوعيين ولا سيما المعارك التي كانت بقيادة بن لادن انهزم فيها العرب وسقط منهم قتلى كثيرون وانسحبوا، خصوصا معركة جلال أباد في 1989 التي انسحب فيها بن لادن واستشهد فيها حوالي سبعين مجاهداً عربياً.

ظل والدي بعيداً عن العمل التنظيمي المباشر، فقد كان يرى أن الذي يدوم نفعه للمسلمين هو العلم الشرعي، وعندما صدر كتاب «العمدة في إعداد العدة» لأول مرة في بيشاور عام 1989 صدر باسم عبد القادر بن عبد العزيز، وليس حتى باسم الدكتور فضل لأنه لا يحب الشهرة ولا الظهور، وكان دائماً يقول ما قاله الإمام الشافعي «وددت لو أن الناس تعلموا هذا العلم ولم ينسب إليَّ منه حرف».

وكانت كل الكتابات والنشرات التي صدرت عن جماعة الجهاد والدي هو الذي كتبها، حتى التي سمح للدكتور أيمن الظواهري أن يضع اسمه عليها، وأراد والدي بذلك أن يجعل للدكتور أيمن حضوراً إعلامياً.

كان والدي يبذل جهده ليوازن بين دراسته وعلومه الشرعية، وبين عمله كطبيب ومدير لأكبر مستشفى في بيشاور، وبين أداء واجبات أسرته، وبين موقعه ومسؤولياته كمستشار شرعي للجماعة، وكان والدي لا يحب كثرة الاختلاط وحب الظهور والأولوية كانت لعلومه الدينية وعمله كطبيب، وعلى الرغم من تبحر والدي في العلوم الشرعية وتأليفه فيها فإنه ظل يمارس الجراحة كمهنة يرتزق منها طوال حياته إلى آخر يوم اعتقل فيه – فلم يكن والدي أبداً عالة على أحد – ولهذا فقد كان الدكتور أيمن مفوضاً في أغلب الأمور، وكان يرجع إليه عند الأمور الكبيرة أو التي تحتاج إلى حسم.