Ad

من يجرؤ على تكفير الغير لن يتوانى عن التمييز بين فئات المجتمع الواحد، حتى وصلت بهم الأمور إلى التفرقة بين جنس النساء، فالمتزوجة أفضل من غيرها، والوَلَّادة منهن تستحق تشريعاً خاصاً.

«من المستحيل أن يقنعنا فاسد بضرورة الديموقراطية»

مهما اطلعنا على تجارب الأمم التي نعيش معها في الزمن نفسه وعلى الكوكب ذاته، المتقدمة منها والمتخلفة، لن أصادف عقلية بشرية ائتمنت على حقوق المواطنين، وكُلفت بأمانة التشريع، كالعقلية التي يفكر بها النواب، الذين تقدموا باقتراح لرشوة النساء بثلاثمئة دينار كويتي شهرياً، مقابل المكوث في البيت وتسليم أصواتهن هبة لمقدمي الاقتراح في الانتخابات البرلمانية القادمة.

لن أخوض حديثاً عن الرشوة، فهي ليست أداة انتخابية جديدة، ومورست في الانتخابات البرلمانية، ووصلت إلى أقصى مدى لها في انتخابات 2006، تمخض عنها صراع سلمي كللت إرهاصاتها بإقرار الدوائر الخمس، كما أن التمييز بين المواطنين لم يعد من خفايا العمل الحزبي لدى هؤلاء النواب، فقد وصلنا إلى أن تصنف مستويات الإيمان تبعا لأمور لا تقبلها الأديان مجتمعة. ومن يجرؤ على تكفير الغير، لن يتوانى عن التمييز بين فئات المجتمع الواحد، حتى وصلت بهم الأمور إلى التفرقة بين جنس النساء، فالمتزوجة أفضل من غيرها، والوَلَّادة منهن تستحق تشريعاً خاصاً يميزها عمن حباها الله بأن تبقى عاقراً، والملتزمة بالعقائد الحزبية أكثر تميزاً لديهم عن غيرها، وهكذا.

المخيف في هذا الاقتراح هو التطاول على الدستور، واتهامه بأنه وراء التفكير بتلك الخطوة، ويبدو أننا نعيش عهد الانتهازية السياسية، وليتها من صنف الانتهازية التي يمكن التغاضي عنها، إنها انتهازية بشعة لا تراعي أبسط حقوق الوطن، ولا عذر لها لأنها تأتي ممن نفترض فيهم حمل هموم هذا الوطن، المرتهن بنسبة %95 من تمويل موازنته على ثروة زائلة، ونعرف الآن أننا لا نملك سوى أقل من نصف ما كنا نعتقد أننا نملك من تلك الثروة، وبعد 60 سنة من عمرها، لم نطور أي مصدر بديل للدخل.

المقترح يأتي من مؤسسة حزبية دينية تعرف تلك الحقائق كلها، ونعرف أننا قد لا نملك فرصة أخرى لبناء الوطن إذا فوَّتنا هذه الفرصة، ولكنها مؤسسة تراهن على انتخابات نيابية مبكرة تحتاج إلى رشوة كبيرة، حتى وإن كان بعدها الطوفان.