ميزانية التعزيز في غياب المجلس
تصدر ميزانية التعزيز بقانون خاص، وعادة ما يحدد ذلك القانون ويفوض مجلس الدفاع الأعلى للإشراف على كيفية الإنفاق السنوي من تلك الميزانية، ويحدد القانون كذلك المبلغ المفترض إنفاقه، كما يحدد الفترة الزمنية المسموح بها لذلك التفويض. وقد صدرت في هذا الإطار عدة قوانين خاصة، مثل قانون 20/1973 الذي فوض الحكومة إنفاق 422 مليون دينار كويتي (نحو 1266 مليون دولار) وذلك لمدة سبع سنوات، وقد اتضح لنا من خلال متابعة دقيقة لمضابط البرلمان الكويتي، ان ذلك القانون كان هو القانون الوحيد لميزانيات التعزيز الذي تم إقراره من خلال مجلس الأمة، فقد دأبت الحكومة على إصدار القوانين الخاصة بميزانيات التعزيز دائما في غياب مجلس الأمة، فما أن تم حل مجلس الأمة في صيف 1976، حتى أصدرت الحكومة بعد انفرادها بالسلطة القانون رقم 56/1976 الخاص بميزانية تعزيز الدفاع، والذي فوض الحكومة سحب مبلغ 877 مليون دينار كويتي (2630 مليون دولار تقريبا) وذلك لمدة سبع سنوات.
وقد تكرر الفعل الحكومي مرة أخرى في تجنبها لعرض الموضوع على مجلس الأمة، فقبيل عودة المجلس مرة أخرى عام 1981، قامت الحكومة بإصدار قانون بميزانية تعزيز الدفاع رقم 27/1981 الذي فوضها بسحب ما قيمته 500 مليون دينار كويتي (1500مليون دولار تقريبا) من الاحتياطي العام للدولة وذلك لمدة سبع سنوات. كما اتضح أن وتيرة الإنفاق الحكومي من هذه الميزانيات كانت عالية جدا وسريعة، حيث لم يحدث في أي من القوانين المذكورة أعلاه أن المبالغ المرصودة قد استمر وجودها لمدة سبع سنوات، بل كان يتم إنفاقها كلها قبل حلول المدة. كذلك تكرر أمر تجنب الحكومة عرض مشروع ميزانية التعزيز على مجلس الأمة مرة أخرى عام 1992، فقبل عودة البرلمان مرة أخرى للانعقاد في أكتوبر 1992، أصدرت الحكومة قانون رقم 46/1992 بتاريخ 18 أغسطس 1992، وذلك قبيل انتخاب مجلس الأمة بنحو 45 يوما فقط، وقد فوض القانون المذكور الحكومة بسحب مبلغ 3500 مليون دينار كويتي (12 بليون دولار تقريبا) من الاحتياطي العام للدولة ليتم إنفاقها خلال مدة 12 سنة، وقد اتضح ان استعجال الحكومة كان في محله في محاولتها تجنب مواجهة البرلمان والحصول على موافقته على ميزانية التعزيز، ويبدو ان تحقيق ذلك الأمر كان سيتعرض لمعارضة حادة، فما أن بدأ المجلس أعماله حتى ارتفعت أصوات برلمانية عالية ضد قانون التعزيز وضد قيام الحكومة بإصداره قبل انعقاد مجلس الأمة.وتحت تصاعد الضغوط البرلمانية اضطرت الحكومة إلى التجاوب مع بعض المطالبات النيابية، ووافقت على مجموعة من التعديلات الرئيسية للقانون المذكور، وذلك بإصدار قانون جديد رقم 7/1994 في أبريل 1994، الذي تمت بموجبه إضافة مادة جديدة للقانون السابق رقم 46/1992، وقد نصت المادة الجديدة على أن أي إنفاق من قانون ميزانية التعزيز المذكورة يجب تضمينه بشكل سنوي ضمن وزارة الدفاع السنوية، التي تتم بالتالي مراجعتها وإقرارها سنويا مع الميزانية السنوية للدولة، وقد أوضحت المذكرة التفسيرية للقانون أن هذا التعديل تم بناءً على إصرار مجلس الأمة.