كيف يوظف الفنانون والرياضيون رمزيتهم للترويج لمنتجات الشركات، بينما لا يوظفونها في تحقيق مطالبهم وتوفير بيئة تسمح لهم بالإبداع؟يعود اختفاء رموز الفن والرياضة القدامى وعدم بروز رموز جدد إلى ضمور مجالاتهم وانحسار شعبيتها، بالإضافة إلى عزوف الفنانين والرياضيين عن الخوض في الشأن العام لطغيان المصلحة الشخصية على المسؤولية تجاه المجتمع، إذ لو بدرت منهم محاولات فإنها غالباً ما تكون لمصلحة شخصية وليس لإصلاح وضع عام، مثلما ينتفض فنان ضد تعسف الرقابة على عمله، بينما يلتزم الصمت تجاه التعسف الواقع على أعمال زملائه، أو عندما ينتفض لاعب مُنع من الاستفادة من عرض انتقال لناد آخر، بينما يلتزم الصمت تجاه احتكار الأندية المجاني لزملائه، إذاً تلك «الانتفاضات» بطبيعتها وقتية تصبو لأهداف على المدى القصير، متناسين أن الضغط الدائم وإنكار الذات قد يؤديان إلى خسائر وقتية، لكنهما يرسيان مبادئ على المدى البعيد ينعمون بها والأجيال من بعدهم.
وقد يقال إن الفنانين والرياضيين ليس لديهم إيمان برمزيتهم وقدرتهم على التأثير، لكن ما تفسير ظهورهم في الإعلانات التجارية، وفي هذه مفارقة تتفق مع ما قلته أعلاه، إذ كيف يوظف الفنانون والرياضيون رمزيتهم للترويج لمنتجات الشركات، بينما لا يوظفونها في تحقيق مطالبهم وتوفير بيئة تسمح لهم بالإبداع؟ إنها المنفعة الشخصية، «وكل إعلان بحسابه».
ومن غير المعقول ألا يؤمن الفنانون والرياضيون برمزيتهم والتاريخ مليء بالأمثلة، كأغاني أم كلثوم في المجهود الحربي، ودور «الليلة المحمدية» و«أزمة وتعدي» في تحريك الشارع المصري أثناء احتلال الكويت، وتأثير أعمال عادل إمام في المتجمع، ودور متسابق الدراجات لانس آرمسترونغ في التوعية عن السرطان، ودور لاعب السلة ماجيك جونسون في تغيير «التابو» السائد عن حاملي فيروس الايدز، إلا في حالة جهل فنانينا ورياضيينا بهؤلاء، وهذا هو الأرجح.
في المقابل، هنالك مجال واسع لصنع رموز من نوع جديد لم يشهد التاريخ مثلها نظراً إلى انعدام البدائل الجيدة، كبروز المدونات الإلكترونية الكويتية خلال السنوات الثلاث الماضية، التي اكتسبت مصداقية وشعبية كبيرة لتفوقها على وسائل الإعلام التقليدية، ونذكر منها تغطية «زيدون» اليومية لحرب العراق، وتغطية «ساحة الصفاة» لجلسة حق المرأة السياسي وأزمة الحكم وقيادتها لحملة «نبيها 5»، وتغطية «أم صدة» لاستجواب وزير النفط السابق، بالإضافة إلى ما تطرحه المدونات من مواضيع غير مألوفة تساهم في تغيير الثقافة السائدة.
إذاً الشعبية ليست كافية لخلق الرمزية والقيادة، بل يحتاج الفنانون والرياضيون إلى السعي لقضايا عامة تهم قواعدهم بالإضافة إلى قضاياهم الشخصية، وإيمانهم بأن ما يؤدونه رسالة قبل أي شيء آخر.
Dessert
أفضل من يوظف رموزه هو التيار الديني، فلديه رموز في الرياضة والإعلام والعمل الطلابي والنقابي وغيرها من المجالات، وهذا ليس عيباً بل شطارة، و«ربعنا طرق كم نائب وكاتب» يعدون على أصابع اليد الواحدة.