انفتاح على عالم جديد
لا أتذكر متى كانت آخر مرة شاركت فيها في ندوة أو في مؤتمر خارج الكويت... مشاركتي في المهرجانات والندوات الثقافية قليلة جداً ومحسوبة في سنوات غير متواصلة، ربما هو خطأ مني كما يقول الأصدقاء.
ولكني صادقة ومتسقة مع نفسي... أجد راحتي في البعد عن البهرجة والضوضاء الفارغة من المعنى... الصمت والعزلة هما حياتي ولهما الفضل الكبير في توصيل ما كتبته إلى العالم... وبرغم وجودي الشبحي، إلا أن كتبي طارت بأجنحتها، ووصلت إلى من أحبها وأحبني... وكتب عنها وأراد التواصل معي. وهذا ما راهنت عليه منذ أول كتاب كتبته، وكان رهاني بأن يصل ويشق دربه بجناحه وليس بي؛ لأنني اكره عملية الترويج والتطبيل، واستهلاك الذات الكاتبة في ما يستنزفها ولا يعود عليها بالفائدة... ولكني وجدتني أُلبي دعوة المجلس الأعلى للثقافة في مصر، وأشارك في «مؤتمر الرواية العربية الآن» لملتقي القاهرة الرابع للإبداع الروائي العربي... واقر واعترف بأنني كنت في غاية السعادة والنشاط والبهجة والفرح، واكتشفت هذا التواصل الرائع مع هذه المجموعة الكبيرة من المبدعين العرب، الذين تواجدوا في هذا الملتقى الكبير الحاشد والمنظم على أفضل وجه، برغم كثرة الضيوف الذين تجاوزوا 200 مدعو... روائيون وكاتبو قصص وباحثون وصحافيون وإذاعة وتلفزيون... كان المؤتمر خلية من نشاط موزع على أربع قاعات منذ الصباح إلى التاسعة مساءً... يتخللها فترات استراحة قصيرة... كانت محاور النقاش مهمة جداً، وربما لأول مرة تُطرح فيها أفكار ومواضيع تناقش مسيرة الرواية الحداثية بخصائصها الجديدة واختلافها مع ما سبقها من روايات... لأول مرة أجد نفسي في حلقات النقاش. كلها تخصني وتخص عملي بالذات... لأنني اشتغلت على كل المحاور المطروحة ما عدا الرواية الرقمية؛ ولذلك كان من نصيبي أن احضر هذا المؤتمر وربما دُعيت لهذا السبب بالذات. على كل حال ليست المحاور وحدها هي سبب انجذابي، ولكن هناك الأسماء المهمة واللامعة في العمل الروائي... والذين يصعب وجودهم في زمن ومكان واحد، قامت القاهرة المحبة في جمعهم وتواصلهم على ارض الإبداع... مما أسعدنا وقارب في ما بيننا. التقيت نقاداً وطلاب ماجستير ودكتوراه كتبوا عن تجربتي الروائية، ولم يسبق لي أن التقيت بهم، فرحت جداً بتواصلي معهم، واشكر المجلس الأعلى للثقافة الذي أتاح لي هذا التعارف... ربما ما كان له أن يوجد في زمننا اللاهث لولا بادرة المجلس هذه. الشيء الآخر الذي يُشكر عليه المجلس وليس الأخير هو المتمثل في الكتب التي أُهديت إلينا ومنها ملخصات الأبحاث كلها... والتعريف بالمشاركين في الملتقى الرابع كلهم، استلمناها في كتب وليست أوراق، طُبعت قبل وصولنا، وليس في العام الذي يليه. بصراحة كان الملتقى بؤرة نشاط وحيوية وإبداع وتواصل، غيّر نظرتي السابقة للأمور، ووجدت نفسي منذ اليوم أود المشاركة والانفتاح في علاقاتي مع الآخرين، واشكر المجلس ورعاة الثقافة فيه، على انفتاحي وانطلاقي الجديد.