بوش... وحديث السلام
«لقد أرسلوا رجالاً آليين إلى المجاري، لفحصها والتأكد من عدم وجود أي مفأجاة تحت الفندق»... المسؤول عن إقامة الرئيس بوش في محطته الأولى لزيارته إلى المنطقة، والوفد المرافق في فندق الملك داود في القدس، والذي كان مقراً للقيادة العامة للسلطات البريطانية خلال فترة الانتداب من 1920 إلى 1948، ويمكن للنزلاء من خلاله رؤية المدينة القديمة وحائط البراق والمسجد الأقصى.لم تكن زيارة الرئيس الأميركي بوش إلى المنطقة زيارة عادية، فأول توقعاته، حسب ما جاء في مؤتمر صحفي جمعه برئيس السلطة الفلسطينية في رام الله، توقيع معاهدة سلام فلسطينية إسرائيلية قبل تركه منصبه في يناير العام القادم، وبدا واثقاً من دور المساعدات في إظهار دولة فلسطينية ديموقراطية إلى الوجود، تتعايش مع جارتها إسرائيل، في ظل مرحلة الخيارات الصعبة.
كلمات عباس تصف بوش بأنه أول رئيس أميركي يلتزم بشكل كامل بتأييد الدولة الفلسطينية... ودعوات عباس يوجهها إلى إسرائيل للوفاء بالتزاماتها الواردة في خارطة الطريق، والشعب الفلسطيني يحلم بالسلام كخيار استراتيجي، ولكنه يحلم أيضاً برؤية الدعم العربي والدولي، في وضع نهاية لمعاناة الشعب، وأن يتمكن من تطوير حياته واقتصاده من دون حواجز، أو جدار يقطع أوصال وطنه... مشروع الدولة الذي تحدث عنه بوش في زيارته تضمن إقامة دولة فلسطينية، واستحداث ما أسماه بآليات دولية جديدة، لحل مسألة اللاجئين الفلسطينيين، وفسرها البعض على أنها ثمن اللاعودة، وفسرها البعض الآخر على أنها موضوع جديد للتداول في المؤتمرات القادمة. فهل ستتبنى جامعة الدول العربية قضية تدويل اللاجئين وتخرج بمنظور جديد، أم ستحشد لمؤتمرات «دول مانحة»، من دون قراءة النتائج؟! مازالت إسرائيل تعتقد أن ثقل الرئيس بوش سيدفع بالفلسطينيين إلى قبول الواقع، وذلك لأنهم يعيشون وضعاً مأساوياً بسبب الحصار والانقسامات، وتعتقد أيضاً أن بعض التحسينات، كإيقاف بؤر الاستيطان، مقابل التخلي عن عودة اللاجئين، وتعديلات على حدود 1967، سيدفع بالعرب إلى قبول رؤية مطروحة لمشروع السلام، ومازال الفلسطينيون يرفضون العيش على هواجس القبول بصيغة سلام ضعيفة ومخاوف الاتهامات المتكررة بالإرهاب.بوش ليس الرئيس الأول الذي يريد السلام خاتمة لمساعيه، فالرئيس كلينتون أيضاً جرّب مساعيه في آخر ولايته، بأن يجعل السلام ختاماً لمرحلته لكنه عجز عن إقناع إسرائيل بالتنازلات المعقولة... فهل يواجه بوش العقبة نفسها؟رحلة بوش عبر مياه الخليج الدافئة... تناولتها تحليلات ودراسات، وبين تحالف وشراكة الولايات المتحدة للكويت، وصداقة الولايات المتحدة للبحرين، ومناشدة «أهل الكويت» الرئيس لإطلاق سراح محتجزي غوانتانامو، وأمل «أهل البحرين» بالأمن والاستقرار في المنطقة، يجب أن أعترف بأن المئة وعشرين دقيقة، التي أمضيناها مع الرئيس بوش وكونداليزا رايس في حوار ديموقراطي، حول مائدة مستديرة، كنساء كويتيات، كانت «سيمفونية سياسية» فاعلة، اكتمل لحنها الجميل بحب الكويت من دون نشاز.