بغض النظر عما سيؤول إليه التصويت على طرح الثقة عن الوزيرة الذي سيحتكم إلى حسابات «حدس» السياسية وحسابات «الشعبي» الانتخابية ولن يمت بصلة إلى أدائها، فإن الأهم من ذلك هو أننا شاهدنا نموذجاً يثبت إمكان تصدي وزير لابتزاز مدمري الديموقراطية واعتلاء المنصة بثبات ومواجهة المستجوب كخصم سياسي وليس كمأمور له.تابعت استجواب وزيرة التربية نورية الصبيح يوم الثلاثاء الماضي ممسكاً قلبي بيدي خوفاً من أن أفاجأ بتخلي الحكومة عن الوزيرة أو ذهابها ضحية مؤامرات ثلاثي الفساد ضد رئيس مجلس الوزراء بعد أن استنزفت مساحة هذا العمود للأسابيع الثلاثة الماضية على الموضوع ذاته، ورغم أن تقييم التضامن الحكومي مع الوزيرة ما زال قائماً وسيخضع إلى تعامل الحكومة مع طلب طرح الثقة، فإن أداء الوزيرة في الاستجواب كان كافياً لاستنزاف مساحة العمود لثلاثة أسابيع أخرى وأكثر.
بغض النظر عما سيؤول إليه التصويت على طرح الثقة الذي سيحتكم إلى حسابات «حدس» السياسية وحسابات «الشعبي» الانتخابية ولن يمت بصلة إلى محاور الاستجواب، فإن الأهم من ذلك هو أننا شاهدنا نموذجاً يثبت إمكان تصدي وزير لابتزاز مدمري الديموقراطية واعتلاء المنصة بثبات ومواجهة المستجوب كخصم سياسي وليس كمأمور له، نموذج افتقدناه منذ استجوابي د. أحمد الربعي ود. عادل الصبيح. وما دمنا بطيب ذكره فإن ما رأيناه كان تكراراً لاستجواب الربعي في كونه استجواباً فارغ المضمون موجهاً لوزير التربية ومغلفاً بمحاور دينية وقانونية لغرض ابتزاز الوزير على خلفية تعيينات وإقالات، ثم يأتي مقدم الاستجواب ومؤيدوه ليحولوا الجلسة إلى خطبة جمعة تدغدغ مشاعر الناس لجمع أصوات نواب التيار الديني، ومع ذلك يبدع الوزير في التصدي له.
لقد جف قلمي على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية من كثرة مطالبتي الحكومة بدعم الوزيرة نورية الصبيح لخوفي على مستقبل الدولة في حالة نفور الكفاءات الوطنية المخلصة والإصلاحية من الخدمة العامة فيما لو تخلت الحكومة عن الوزيرة، وأخشى ما أخشاه هو أن ينسحب مثال د. الربعي على نورية الصبيح في تعامل الحكومة مع طرح الثقة، أما الآن وبعد متابعة أداء الوزيرة الرائع في جلسة الاستجواب فإني أرفع المطالبة إلى من بيده الأمر والقوى الوطنية لدعم ورعاية ليس الوزيرة فحسب، بل النموذج الذي رأيناه أيضاً، فناهيك عن تفاصيل أدائها، يكفي لنا أن نرى إمرأة تعتلي منصة الاستجواب وتستعين بطاقم نسائي مساعد وتغرد بكل ثقة «الدستور كفل لي كمواطنة قبل أن أكون وزيرة حقي في التعبير عن رأيي» ويساندها حضور طلابي ونسائي كثيف. إنه بحق نموذج نحن بأمس الحاجة إليه ويحتاج إلى رعاية من أعلى المستويات.
Dessert
لأول مرة تتشكل فكرة العنوان قبل كتابة المقال، فهنيئاً للكويت بنورية ... وبانتظار ظهور الرجال.